ولذلك جاءت تصوراتهم عن الوحي في قالب كلام مباشر من الرب إلى الأنبياء وهم يتصورون الرب في صورة إنسان أو يلهمهم إلهاما عن طريق تأثير قوة فوق الطبيعة ولكن التصور الإسلامي عن الوحي مختلف عن تصوراتهم تمام الاختلاف فهو يرد عن طرق عدة وهي :
١ ـ الرؤيا الصادقة :
وهي أول مرتبة من مراتب الوحي وأول ما نزل به القرآن ، وقد كانت هذه الرؤيا توجب التكليف أحيانا كما جاء في قصة الخليل ـ عليهالسلام ـ في قصة الفداء ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : «كان أول ما بدئ به رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح» (١).
٢ ـ ما كان يلقيه الملك في روعه وقلبه :
وهذه المرتبة هي الثانية من مراتب الوحي وهي ما كان ينفثه الملك في روع الرسول بأمر الله تعالى ، فكان بذلك وحيا ، منه قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إن روح القدس نفث في روعي لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها» (٢).
٣ ـ مخاطبة الملك :
وهي المرتبة الثالثة فقد كان يتمثل له رجلا على صورة دحية الكلبي وغيره فيخاطبه حتى يعي ما يقول له. من ذلك حديث عمر الطويل (٣).
__________________
(١) صحيح مسلم ـ كتاب الإيمان ج ١ / ١٣٩ ـ ١٤٠ (طبعة دار الفكر) بيروت.
(٢) انظر الفتح الكبير ـ للسيوطي ١ / ٣٩٣ ونسبه لأبي نعيم في حلية الأولياء وانظر كشف الخفاء ١ / ٢٣١.
(٣) صحيح البخاري ١ / ١٨ كتاب الإيمان باب ٣٧ ، سؤال جبريل النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن الإسلام والإيمان والإحسان .. إلخ.
قال العلماء : لم يثبت تلقي رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ شيئا من القرآن من جبريل وهو على هذه الصورة ، وإنما كان يعلمه بعض أمور دينه ويبلغه بعض أوامر ربه كل ذلك حتى لا يلتبس على الناس أن الذي يعلمه بشر اه.