إرادته وأعراضها لا تستجلب ولا تدفع.
والذي يزيد هذه الحقيقة وضوحا سماع صوت دوي كدوي النحل عند وجه الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يسمعه من حوله كما في حديث عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : «كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذا نزل الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل ..» الحديث (١).
فهل من كان في سبات يسمع عند وجهه مثل هذا الدوي؟ كل ما ذكرت يدل على بطلان هذا الرأي الذي زعمه «واط» ومن معه وفساده (٢).
كما يبين جليا التغاير الواضح بين الظاهرتين. ظاهرة الوحي وظاهرة «التنويم الذاتي» كما سماها بعض المستشرقين.
الشبهة الرابعة :
زعم بعض المستشرقين أمثال «بل» و «واط» (٣) أن الوحي كان تجربة ذهنية فكرية وأن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أدرك ما أدرك نتيجة قدرته على التركيز واستدامته ذلك على مستوى تجريدي لا يطيقه غيره لذا كان يختار له ساعات الليل لأنها أدعى للفكر وأصفى للروح ، وأكثر استجابة لعواطفه.
الجواب :
١ ـ هذا هو الفكر المادي الذي لا يعترف بتكامل بين الروح والمادة ولا يؤمن إلا بالمحسوس الذي يدخل تحت عدسات المجهر والتحليل المخبري.
فالنبوة لا تخضع لمثل هذه الدراسات. فالإنسان مهما جرب وركز بكامل قواه العقلية ليصبح نبيا لا يمكن أن يصبح نبيا ولا يصل لرتبتها. وأبرز ظواهر النبوة الوحي. وهذا الوحي لا يمكن تحضيره ولا استحضاره وإنما يأتي
__________________
(١) سنن الترمذي ـ كتاب التفسير ـ باب ومن سورة المؤمنون.
(٢) وحي الله د / حسن عتر ص ١٤٢ ـ ١٤٥.
(٣) انظر مقدمة القرآن ـ واط ص ١٨.