صلىاللهعليهوسلم ـ شيئا على نفسه دون تحريم الله له : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ)(١)
وكقوله تعالى على إثر موقفه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من زينب بنت جحش أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ زوج متبناه زيد بن حارثة ـ رضي الله عنه ـ (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ)(٢) وعتابه له سبحانه لما بدى منه إعراض في حق ابن أم مكتوم كما ذكر ذلك في سورة «عبس» (٣).
أرأيت لو كانت هذه التقريعات المؤلمة صادرة عن وجدانه؟! ومعبرة عن ندمه ، ووخز ضميره ، حين بدا له خلاف رأيه الأول أكان يعلنها عن نفسه بهذا التهويل والتشنيع والعتاب المر والتأنيب الشديد. أليس في سكوته ستر على نفسه ، واستبقاء لحرمة آرائه. فلو كان القرآن صادرا عن نفسه لكان أولى شيء بالكتمان مثل هذه الآيات (٤).
ج ـ لقد كان يجيئه الأمر أحيانا بالقول المجمل أو الأمر المشكل الذي لا يستبين هو ولا أصحابه تأويله حتى ينزل الله عليه بيانه ، فأي عاقل يا ترى توحي إليه نفسه كلاما لا يفهم هو معناه ، وتأمره أمرا لا يعقل هو حكمته ، أليس ذلك من الأدلة الواضحة على أنه ناقل لا قائل ، وأنه مأمور لا آمرا ، (٥) وأن القرآن ليس من تأملات فكره ، ولا من صنيع خياله ، بل تنزيل من حكيم حميد.
الشبهة الخامسة :
[زعم أصحاب الموسوعة البريطانية أن أسلوب الوحي المحمدي جاء نثرا مقفى ، أو ما يسميه العرب بالسجع ، وقد استعمل هذا الأسلوب سابقا من
__________________
(١) سورة التحريم : ١.
(٢) سورة الأحزاب : ٣٧.
(٣) انظر سورة عبس.
(٤) النبأ العظيم ص ٢٥ بتصرف.
(٥) نفس المرجع ص ٢٨.