نساءه حتى تعظهن أنت» (١).
ومع هذا لم يخرج ابن الخطاب عن دائرة الإيمان. بل اعتبر هذا مكرمة من الله سبحانه أن يوافقه في مراده فحمد الله سبحانه على ذلك.
والجدير بالذكر أن عبد الله بن أبي السرح لم يكن الكاتب الوحيد لرسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بل لقد بلغوا الأربعين ونيفا من الكتاب (٢). كما أن الكتابة كانت عملية توثيقية خوف النسيان لا أكثر ، أما الاعتماد فبالدرجة الأولى كان على حفظ الصحابة ـ رضوان الله عليهم له بالتلقين من فم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أو من بعضهم بعضا.
بل إن الحافظ الأول لهذا الكتاب العزيز هو الله سبحانه (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)(٣).
وقد تكفل بهذا في صدر رسوله (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ)(٤) ولدوام هذا الحفظ كما أنزل منه سبحانه جعل جبريل يدارسه القرآن في رمضان من كل عام مرة وفي العام الأخير عارضه إياه مرتين.
لذا كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ دائم القراءة له في الصلوات والمناسبات ، ومواطن الدرس للصحابة رضوان الله عليهم. لذا فلا يعقل بعد كل هذا أن يبقى شيء من تغيير وتبديل في القرآن الكريم خاصة بعد ردة عبد الله بن أبي السرح ، فما كان موافقا لمراد الله أبقى وما خالف نسخت تلاوته وأحكم باقيه.
والمعروف عن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ ، حرصهم الشديد أن لا
__________________
(١) انظر إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ٧ / ١٤ كتاب التفسير.
(٢) كتاب الوحي ص ٦٤ وما بعدها.
(٣) سورة الحجر : ٩.
(٤) سورة القيامة : ١٧.