فالدافع لعثمان إذن لم يكن حاجة شخصية في نفسه ولم يكن لنزعته الارستقراطية كما زعم «بلاشير» وإنما كان بسبب اختلاف الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ في قراءة القرآن حسب تعليم معلميهم حسب الحرف الذي تلقوه من رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حتى بلغ بعضهم أن يفضل قراءته على قراءته غيره ، وأن يكفر من لا يقرأ بقراءته (١).
أما وصف المجتمع الإسلامي بأنه فيه طبقات منها الطبقة الارستقراطية التي كان يمثلها عثمان ـ رضي الله عنه ـ على حد تعبير بلاشير المزعوم فهذا غير صحيح ؛ لأنه فهم ينطبق على المجتمع الغربي لا على المجتمع الإسلامي لأن المجتمع الإسلامي لا يعرف الطبقية فالناس فيه سواء لا فرق فيه بين الحاكم والمحكوم ، ولا بين عربي ولا عجمي إلا بالتقوى. فالناس فيه سواسية كأسنان المشط.
الشبهة الثانية :
لجان الجمع القرآني :
١ ـ القضية الأولى : نزاهة أفراد اللجنة المكلفة بالجمع :
شكك «بلاشير» في اللجان التي أنيط بها مهمة جمع القرآن الكريم وأن تكليفها كان لاعتبارات خاصة لا لكفاءة اللجنة ، كما زعم أن بعض اللجان كانت خيالية ، كما زعم أن بعض اللجان الفرعية بلغت اثني عشر رجلا (٢).
الجواب :
إن الاعتبارات الخاصة التي نسبها «بلاشير» للجنة الرئيسية التي كونها عثمان وهي من القرشيين الثلاثة الذين اتهمهم «بلاشير» بأنهم طبقة ارستقراطية : عبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، والمتزلف المتملق زيد بن ثابت ـ على حد تعبيره ـ (٣).
__________________
(١) نفس المرجع ٩ / ١٨ كتاب فضائل القرآن.
(٢) مقدمة القرآن ـ بلاشير ص ٥٦ ـ ٥٨.
(٣) نفس المرجع والصفحة.