ومثال هذا في دراسات المستشرقين وكتاباتهم كثير منها :
زعمهم أن الدين الإسلامي : دين سيف ، وأنه أقيم على سفك الدماء ، وأنه دين الهمجية والإجرام ، إلى غير ذلك من التهم التي لفقها للإسلام أعداؤه من اليهود والنصارى.
في حين أنهم يظهرون النصرانية بأنها دين الرحمة والمحبة والتسامح وبأنها تبغض البغضاء والقتال.
ومن بين هؤلاء المستشرقين «هربرت جوتشالك» في كتابه (الإسلام قوة عالمية متحركة) (١).
ومن ذلك ما ذكره المستشرق «مايور» كما نقله عن «مارجليوث» [أن أهل البدو كانوا كثيري الاهتمام بتعلم البلاغة وطلاقة اللسان ، فلا يبعد أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قد مارس هذا الفن حتى نبغ فيه].
هذا الكلام غير العلمي يدل على مقدار تحكيم الهوى ونزعة العداء في أقوالهم المليئة بالافتراءات والتخيلات الملقاة على كواهلها. والكل يعرف أن أمر العربية وأساليبها البلاغية كان أهل البادية يتقنونها سليقة لا تعلما.
ومن ذلك مهاجمة «جولد تسيهر» وافتراؤه على الإمام «الزهري» واعتباره وضاعا للأحاديث حيث اتهمه بوضع حديث «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد» (٢) وحجته في ذلك أن الزهري وضعه لعبد الملك بن مروان ليصرف الناس عن مكة والمدينة إلى المسجد الأقصى. مع أن كتب الجرح والتعديل كلها أجمعت على صدق هذا الإمام الجليل وأمانته وورعه (٣) ومع أن الزهري لم يلق «عبد الملك» إلا بعد سنوات من مقتل «ابن الزبير».
__________________
(١) انظر الإسلام في الفكر الأوربي ص ٧٦.
(٢) مسند الإمام أحمد ٢ / ٢٣٤.
(٣) الاستشراق والمستشرقون ص ٤٦.