١٥ ـ تضخيم الأخطاء الصغرى والتصرفات الشخصية ، وجعلها تطغى على ساحة صورة تاريخ المسلمين ، وطمس الصور الرائعة المشرقة في هذا التاريخ.
من ذلك محاولة تضخيم ما حصل من فتن وحروب بين الصحابة وخروج بعض الفرق عن طريق مذهب أهل السنة ذاكرين دوافع لها في قمة الغرابة والاستهجان.
والمعروف أن مثل هذه الهفوات أمر لا تخلو منه أمة من الأمم لأن هذا من طبيعة البشر. ولكنه الحقد الدفين والعداء السافر الموجه لهذا الدين.
١٦ ـ النفي الكيفي وإثارة الشكوك في معطيات السنة والتاريخ الإسلامي وخاصة السيرة النبوية.
لقد غالى المستشرقون في كتاباتهم في السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي كثيرا ، وأثاروا كثيرا من الشكوك حولهما ومن الغريب أن بلغ بهم الأمر إثارة الشك في اسم الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولو تمكنوا لأثاروا الشك حتى في وجوده حسدا وحقدا على هذا الدين. وقد أشار «درمنغهم» إلى هذه المسألة فقال : (من المؤسف حقا أن غالى بعض هؤلاء المتخصصين ـ من أمثال موير ، ومارجليوث ، ونولدكه ، وشبرنجر ، ودوزي ، وكيتاني ومارسين ، وغويم ، وجولد تسيهر ، وغود فروا ، وغيرهم ـ في النقد أحيانا فلم تزل كتبهم عامل هدم على الخصوص ، ومن المحزن ألا تزال النتائج التي انتهى إليها المستشرقون سلبية ناقصة ، ولن تقوم سيرة على النفي ، ومن دواعي الأسف أن كان الأب «لامانس» الذي هو من أفضل المستشرقين المعاصرين من أشدهم تعصبا ، وأنه شوه كتبه الرائعة الدقيقة وأفسدها بكرهه للإسلام ونبي الإسلام ، فعند هذا العالم اليسوعي أن الحديث إذا وافق القرآن كان منقولا عن القرآن فلا أدري كيف يمكن تأليف التاريخ إذا اقتضى تطابق الدليلين لتهادمهما بحكم الضرورة بدلا من أن يؤيد أحدهما الآخر (١)؟!
__________________
(١) الإسلام والمستشرقون ص ١٢٥ ـ ١٢٦.