وبعض علماء الخلف كأبي حيان ، والسيوطي ، والشوكاني ، عدوها من المتشابه الذي انفرد الله بعلمه ، وخفي على الخلق معرفته ، ومع هذا فقد أثبتوا لها معنى خفي على الخلق معرفته وأسره الله عنده ابتلاء واختبارا لإيمانهم ، وهذا في حد ذاته لون من ألوان البيان والهدى ، ففيه يعرف المؤمنون من المنافقين لأن الإيمان بالغيب والمتشابه من القرآن من أركان الإيمان.
إلا أن «سال» ومن قال بقوله من المستشرقين يزعمون أن هذه الحروف لا معنى لها بلا دليل علمي. أو لفهمهم معنى المتشابه فهما خطأ.
وقد ذكر علماء المسلمين لهذه الحروف ما يقرب من واحد وعشرين قولا أشهرها :
١ ـ اسم الله الأعظم إلا أنا لا نعرف تأليفه منها وهو منسوب لابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.
٢ ـ سر من أسرار هذا الكتاب ، والقرآن كتاب سماوي لا بد أن يكون له أسرار كأي كتاب سماوي.
٣ ـ اعتبرها ابن جني للفصل بين السور (١).
٤ ـ أسماء للسور القرآنية.
٥ ـ للتنبيه «كياء النداء» والتحدي وذلك لما أعرض المشركون عن سماع القرآن أنزل الله هذه الحروف ليستغربوها لعدم تعودهم عليها فيفتحوا أذانهم لها ولما بعدها من القرآن الكريم ، وأما جانب التحدي فيها فلأن هذه الحروف منها يتكون كلام العرب ومع هذا عجزوا أن يأتوا بمثل هذا القرآن. أو بشيء منه فثبت عجزهم وقامت عليهم الحجة.
وهذا قول المبرد وقطرب (٢). وهذا القول هو أرجحها. والله تعالى أعلم.
__________________
(١) براعة الاستهلال في فواتح القصائد والسور د. محمد بدري ص ٩٨.
(٢) انظر التفسير الكبير للرازي ٢ / ٧ ، والمحرر الوجيز لابن عطية ١ / ٩٥.