وعن سويد (١) ، سمعت أبا بكر الصّديق (٢) ـ رضي الله عنه ـ يقول على المنبر : «أعوذ بالله من الشّيطان الرجيم» ؛ وقال سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشرّف وكرم وبجّل وعظم وفخم يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، فلا أحبّ أن أترك ذلك ما بقيت». وكان عليه الصّلاة والسلام (٣) يقول : «اللهمّ ، أعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بعفوك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك»(٤).
فصل
في المستعاذ منه ؛ وهو الشيطان.
اعلم أن الشّيطان إما أن يكون بالوسوسة أو بغيرها ؛ كما قال تبارك وتعالى : (كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ) [البقرة : ٢٧٥].
فأمّا كيفية الوسوسة بناء على أنّ ما روي من الآثار ذكروا : أنّه يغوص في باطن الإنسان ، ويضع رأسه على حبّة قلبه ، ويلقي إليه الوسوسة ؛ واحتجّوا بما روي أنّ النبي ـ صلىاللهعليهوسلم وشرّف وكرم وبجّل وعظم وفخم ـ قال : «إنّ الشّيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدّم ؛ ألّا فضيّقوا مجاريه بالجوع» (٥) وقال ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ : «لو لا أنّ
__________________
(١) سويد بن غفلة بفتح المعجمة والفاء واللام ، الجعفي أبو أمية الكوفي ، قدم المدينة حين نفضت الأيدي من دفنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وشهد اليرموك ، عن أبي بكر وعمر وعلي وعثمان ، وعنه النخعي والشعبي وعبدة بن أبي لبابة ، وثقه يحيى بن معين. قال أبو نعيم : مات سنة ثمانين. وقيل : بعدها بسنة عن مائة وثلاثين سنة. ينظر الخلاصة : ١ / ٤٣٢.
(٢) عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب التيمي القرشي ، أبو بكر : أول الخلفاء الراشدين ، وأول من آمن برسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من الرجال ، ولد ب «مكة» في ٥١ ق ه ، بويع بالخلافة يوم وفاة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ سنة ١١ ه ، وكان موصوفا بالحلم والرأفة ، كان لقبه «الصّدّيق» في الجاهلية ، وأخباره كثيرة جدا. توفي في ١٣ ه.
ينظر : أبو بكر الصديق : للشيخ الطنطاوي ، والجوهر الأسنى : ٩٤ ـ ١٠٠ ، وخلاصة الأثر : ٨٦١٣ ، وكشف الظنون : ١٢٦٣ ، وهدية العارفين : ١ : ٤٧٦ ، والأعلام : ٤ / ١٠٢.
(٣) سقط في أ.
(٤) أخرجه مسلم في الصحيح : (١ / ٣٥٢) كتاب الصلاة (٤) ، باب «ما يقال في الركوع والسجود» (٤٢) حديث رقم (٢٢٢ / ٤٨٦).
(٥) أخرجه البخاري في الصحيح : (٣ / ١٠٨) كتاب «الاعتكاف» باب «زيارة المرأة زوجها» ... وباب «هل يدرأ» ... حديث رقم (٢٠٣٨) ، وحديث رقم (٢٠٣٩) ، (٤ / ٢٥٢) كتاب «بدء الخلق» باب «صفة إبليس وجنوده» حديث رقم (٣٢٨١) ، (٩ / ٢٦) كتاب «الأحكام» باب «الشهادة تكون ...» حديث رقم (٧١٧١) ، وأبو داود في السنن (١ / ٧٤٩) كتاب «الصيام» باب «المعتكف يدخل البيت لحاجته» حديث رقم (٢٤٧٠) ، والترمذي في السنن : حديث رقم (١١٧٢) ، وابن ماجه في السنن : (١ / ٥٦٦) كتاب «الصيام» (٧) باب «في المعتكف يزور أهله في المسجد» (٦٥) حديث رقم (١٧٧٩) ، وأحمد في ـ