وذهب الكوفيّون : إلى أنّه مشتقّ من الوسم ، وهو : العلامة ؛ لأنّه علامة على مسمّاه ، وهذا وإن كان صحيحا من حيث المعنى ؛ لكنّه فاسد من حيث التّصريف.
واستدلّ البصريّون على مذهبهم بتكسيرهم له على «أسماء» ، وتصغيرهم له على «سميّ» ، لأن التكسير والتصغير يردّان الأشياء إلى أصولها.
وتقول العرب : فلان سميّك ، وسمّيت فلانا بكذا وأسميته بكذا ، فهذا يدلّ على أنّ اشتقاقه من : «السموّ» ، ولو كان من : «الوسم» لقيل في التكسير (١) : «أوسام» ، وفي التصغير «وسيم» ؛ ولقالوا : وسيمك فلان ، ووسمت ، وأوسمت فلانا بكذا فدل عدم قولهم ذلك ؛ أنّه ليس كذلك.
وأيما فجعله من «السّموّ» مدخل له في الباب الأكثر ، وجعله من «الوسم» مدخل له في الباب الأقلّ ؛ وذلك أنّ حذف اللام كثير ، وحذف الفاء قليل.
وأيضا فإنّا عهدناهم غالبا يعوّضون في غير محلّ الحذف ، فجعل همزة الوصل عوضا عن اللام موافق لهذا الأصل ، بخلاف ادّعاء كونها عوضا عن الفاء.
فإن قيل : قولهم : «أسماء» في التكسير ، و «سميّ» في التصغير ، لا دلالة فيه ؛ لجواز [أن يكون](٢) الأصل : «أوساما» و «وسيما» ، ثم قلبت الكلمة بأن (٣) أخّرت فاؤها بعد لامها ، فصار لفظ «أوسام» ، «أسماوا» ، ثم أعلّ إعلال «كساء» ، وصار «وسيم» ، «سميّوا» ثم أعلّ إعلال «جريّ» تصغير «جرو».
فالجواب : أنّ ادّعاء ذلك لا يفيد ؛ لأنّ القلب على خلاف القياس ، فلا يصار إليه ، ما لم تدع إليه ضرورة.
وهل لهذا الخلاف فائدة أم لا؟
والجواب : أنّ له فائدة ، وهي أنّ من قال باشتقاقه من العلوّ يقول : إنه لم يزل موصوفا قبل وجود الخلق ، وبعدهم ، وعند فنائهم ، ولا تأثير لهم في أسمائه ، ولا صفاته ، وهو قول أهل السّنّة ـ رحمهمالله ـ.
ومن قال : إنه مشتقّ من الوسم يقول : كان الله تعالى في الأزل بلا اسم ، ولا صفة ، فلما خلق الخلق جعلوا له أسماء وصفات ، وهو قول المعتزلة. وهذا أشدّ خطأ من قولهم «بخلق القرآن» ، وعلى هذا الخلاف وقع الخلاف أيضا في الاسم والمسمّى.
فصل في لغات «الاسم»
وفي الاسم خمس لغات : «اسم» بمض الهمزة وكسرها ، و «سم» بكسر السّين وضمّها. وقال أحمد بن يحيى : من قال : «سم» بضم السين ، أخذه من سموت أسمو ،
__________________
(١) في أ : التكبير.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : ثم.