«الله» مخصوص بالله تبارك وتعالى ، وكذلك قولنا : «الإله» مخصوص به سبحانه وتعالى.
وأمّا الّذين كانوا يطلقون اسم الإله على غير الله ـ تعالى ـ فإنّما كانوا يذكرونه بالإضافة كما يقال : «إله كذا» ، أو ينكّرونه كما قال ـ تبارك وتعالى ـ عن قوم موسى ـ عليهالسلام ـ : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) [الأعراف : ١٣٨].
فصل في خواص لفظ الجلالة
قال ابن الخطيب (١) ـ رحمهالله تعالى ـ : «اعلم أنّ هذا الاسم مخصوص بخواصّ لا توجد في سائر أسماء الله تعالى.
فالأولى : أنّك إذا حذفت الألف من قولك : «الله» بقي الباقي على صورة «لله» ، وهو مختصّ به سبحانه وتعالى ، كما في قوله تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [آل عمران : ١٨٩] ، وإن حذفت من هذه البقية اللام الأولى بقيت البقية على صورة «له» ؛ كما في قوله تبارك وتعالى : (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الشورى : ١٢] ، وقوله تعالى : (لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) [التغابن : ١] ، وإن حذفت اللام الباقية كانت البقية «هو» وهو ـ أيضا ـ يدلّ عليه سبحانه وتعالى ؛ كما في قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الإخلاص : ١] ، وقوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) [البقرة : ٢٥٥] والواو زائدة ؛ بدليل : سقوطه في التثنية والجمع فإنّك تقول : هما ، وهم ، ولا تبقي الواو فيهما ، فهذه الخاصيّة موجودة في لفظ «الله» ـ تعالى ـ غير موجودة في سائر الأسماء ، وكما [حصلت](٢) هذه الخاصية بحسب اللفظ (٣) [فقد حصلت ـ أيضا ـ بحسب المعنى](٤) ، فإنّك إذا دعوت الله ـ تبارك وتعالى ـ بالرّحمة فقد وصفته بالرّحمة ، وما وصفته بالقهر ، وإذا دعوته بالعليم ، فقد وصفته بالعلم ، وما وصفته بالقدرة.
وأما إذا قلت : «يا الله» ، فقد وصفته بجميع الصّفات ؛ لأنّ الإله لا يكون إلها إلّا إذا كان موصوفا بجميع هذه الصفات ، فثبت أنّ قولنا : «الله» قد حصلت له هذه الخاصية التي لم تحصل لسائر الأسماء.
الخاصّية الثّانية : أنّ كلمة الشهادة ، وهي الكلمة التي بسببها ينتقل الكافر من الكفر إلى الإيمان (٥) ، ولو لم يكن فيها هذا الاسم ، لم يحصل الإيمان ، فلو قال الكافر : أشهد أن لا إله
__________________
(١) ينظر الفخر الرازي : ١ / ١٣٧
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : المعنى.
(٤) سقط في أ.
(٥) اعلم أن الإيمان على خمسة أقسام : إيمان عن تقليد : وهو الإيمان الناشىء عن الأخذ بقول الشيخ من غير دليل ، وإيمان عن علم : وهو الإيمان الناشىء عن معرفة العقائد بأدلتها ، وإيمان عن عيان : وهو الإيمان الناشىء عن مراقبة القلب لله ، بحيث لا يغيب عنه طرفة عين ، وإيمان عن حق : وهو الإيمان الناشىء عن مشاهدة الله بالقلب ، وإيمان عن حقيقة : وهو الإيمان الناشىء عن كونه لا يشهد إلا الله ، فالتقليد للعوام ، والعلم لأصحاب الأدلة ، والعيان لأهل المراقبة : ويسمى مقام المراقبة ، والحق للعارفين ، ويسمى مقام المشاهدة ، والحقيقة للواقفين ، ويسمى مقام الفناء ، لأنهم يفنون عن غير الله ـ