إلّا الرّحيم ، أو إلّا الملك ، أو إلّا القدّوس ، لم يخرج من الكفر ، ولم يدخل في الإسلام.
أمّا إذا قال : أشهد أن لا إله إلّا الله ، فإنه يخرج من الكفر ، ويدخل في الإسلام ، وذلك يدلّ على اختصاص هذا الاسم بهذه الخاصية الشّريفة.
[وفي هذا نظر](١) ؛ لأنا لا نسلّم هذا في الأسماء المختصة بالله ـ سبحانه وتعالى ـ مثل : القدّوس والرّحمن.
فصل في رسم لفظ الجلالة
كتبوا لفظة «الله» بلامين ، وكتبوا لفظة «الذي» بلام واحدة ، مع استوائهما في اللفظ ، وفي أكثر الدّوران على الألسنة ، وفي لزوم التّعريف ؛ والفرق من وجوه :
الأول : أنّ قولنا : «الله» اسم معرب متصرّف تصرّف الأسماء ، فأبقوا كتابته على الأصل.
أما قولنا «الذي» فهو مبنيّ من أجل أنه ناقص ، مع أنّه لا يفيد إلّا مع صلته ، فهو كبعض الكلمة ، ومعلوم أنّ بعض الكلمة يكون مبنيا ، فأدخلوا فيه النّقصان لهذا السبب ، ألا ترى أنهم كتبوا قوله ـ تعالى ـ «اللّذان» بلامين ؛ لأنّ التثنية أخرجته عن مشابهة الحروف ؛ لأنّ الحرف لا يثنّى.
الثّاني : أن قولنا : «الله» لو كتب بلام واحدة لالتبس بقوله : «إله» ، وهذا الالتباس غير حاصل في قولنا : «الذي».
الثالث : أنّ تفخيم ذكر الله ـ تعالى ـ في اللفظ واجب ، هكذا في الخطّ ، والحذف ينافي التفخيم.
وأمّا قولنا : «الذي» فلا تفخيم له في المعنى ، فتركوا ـ أيضا ـ تفخيمه في الخطّ.
قال ابن الخطيب (٢) ـ رحمة الله تعالى عليه ـ : «إنما حذفوا الألف قبل الهاء من قولنا : «الله» في الخطّ ؛ لكراهة اجتماع الحروف [المتشابهة في الصّورة](٣) ، [وهو مثل كراهتهم اجتماع الحروف المقابلة في اللفظ](٤) عند القراءة».
(الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) [الفاتحة : ١] صفتان مشتقّتان من الرّحمة.
__________________
ـ ولا يشهدون إلا إياه ، وأما حقيقة الحقيقة فهي للمرسلين ، وقد منعنا الله من كشفها ، فلا سبيل إلى بيانها. ينظر شرح الجوهرة : ص (٣٠ ، ٣١).
(١) سقط في أ.
(٢) ينظر الرازي : ١ / ٩٤.
(٣) في أ : المتماثلة في اللفظ.
(٤) سقط في أ.