والثّاني من وجهي الوصل : سكون الميم والوقف عليها ، والابتداء بقطع الألف «ألحمد» روت ذلك أمّ سلمة (١) ـ رضي الله عنها وعليه الصّلاة والسّلام ـ.
الثّالث : حكى الكسائيّ عن بعض العرب أنّها تقرأ «الرحيم الحمد» بفتح الميم ، ووصل ألف الحمد كأنها سكنت الميم ، وقطعت الألف ، ثم أجرت الوقف مجرى الوصل ، فألقت حركة همزة الوصل على الميم الساكنة.
قال ابن عطيّة (٢) ـ رحمهالله تعالى ـ : «ولم ترو هذه قراءة عن أحد فيما علمت».
ولهذا نظير يأتي تحقيقه ـ إن شاء الله تعالى ـ في : (الم اللهُ) [آل عمران : ١ ، ٢].
ويحتمل هذا وجها آخر ، وهو : أن تكون الحركة للنّصب بفعل محذوف على القطع ، وهو أولى من هذا التكلف ، كالقراءة المرويّة عن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم وشرف وكرم وبجل وعظم وفخم.
فصل في بيان هل البسملة آية من كل سورة أم لا
اختلف العلماء في البسملة هل هي آية من كل سورة أم لا؟ على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها ليست بآية من «الفاتحة» ، ولا من غيرها ، وهو قول مالك ـ رحمهالله ـ لأنّ القرآن لا يثبت بأخبار الآحاد ، وإنما طريقه التّواتر.
قال ابن العربيّ : «ويكفيك أنّها ليست من القرآن الكريم اختلاف الناس فيها ، والقرآن لا يختلف فيه». والأخبار الصّحيحة [دالّة] على أنّ البسملة ليست بآية من «الفاتحة» ، ولا من غيرها ، إلا في «النّمل» ، واستدلّ بما روى [مسلم رحمهالله] عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم وشرف وكرم ومجد وبجل وعظم أنه قال : «يقول الله تبارك وتعالى : قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين ...» (٣). الحديث.
__________________
(١) هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشية المخزومية : أم سلمة وأم المؤمنين لها ثلثمائة وثمانية وسبعون حديثا. اتفقا على ثلاثة عشر. وانفرد البخاري بثلاثة ومسلم بمثلها وعنها نافع وابن المسيب وأبو عثمان النهدي وخلق. قال الواقدي : توفيت سنة تسع وخمسين قال الذهبي : هي آخر أمهات المؤمنين وفاة. ينظر ترجمتها في تهذيب التهذيب : (١٢ / ٤٥٥ رقم ٢٩٠٥) ، التقريب : ٢ / ٦١٧. الثقات : ٣ / ٤٣٩. أسد الغابة : ٧ / ٢٨٩. أعلام النساء : ٥ / ٢٢١. الاستيعاب : ٤ / ١٩٢٠.
تنوير قلوب المسلمين : ٦٤. الدر المنثور : ٥٣١. الإصابة : ٨ / ١٥٠. الكاشف : ٣ / ٤٨٣. تجريد أسماء الصحابة : ٢ / ٣١٠. تهذيب الكمال : ٣ / ١٦٩٩. الخلاصة : ٣ / ٣٩٤ ، ٤٠٥.
(٢) عبد الحق بن غالب بن عبد الرحيم ـ وقيل : عبد الرحمن ـ ابن غالب بن تمام بن عبد الرؤوف بن عبد الله بن تمام بن عطية الغرناطي ، صاحب المحرر الوجيز توفي في خامس عشري رمضان سنة اثنتين وقيل : إحدى ، وقيل ست وأربعين وخمسمائة ، البغية ٢ / ٧٣.
(٣) أخرجه مسلم في الصحيح (١ / ٢٩٦) كتاب الصلاة (٤) باب وجوب قراءة الفاتحة (١١) حديث (٣٨ / ٣٩٥) وأخرجه الترمذي في السنن (٥ / ١٨٤ ـ ١٨٥) كتاب تفسير القرآن (٤٨) باب «ومن سورة فاتحة ـ