الأوّل : أنّ أسماء الله ـ تعالى ـ وصفاته مذكورة بالفارسية ، وبالتّركيّة ، وبالهنديّة ، وإنّ شيئا منها لم يرد في القرآن الكريم ، ولا في الأخبار ، مع أنّ المسلمين أجمعوا على جواز إطلاقها.
الثاني : أنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ قال : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) [الأعراف: ١٨٠] ، والاسم لا يحسن إلا لدلالته على صفات المدح ، ونعوت الجلال ، وكلّ اسم دلّ على هذه المعاني كان اسما حسنا ، فوجب جواز إطلاقه في حقّ الله ـ تعالى ـ تمسّكا بهذه الآية الكريمة.
الثالث : أنه لا فائدة في الألفاظ إلّا رعاية المعاني ، فإذا كانت المعاني صحيحة كان المنع من اللّفظ المفيد [إطلاق اللفظة المعينة](١) عبثا.
وأما الذي قاله الغزاليّ ـ رحمهالله تعالى ـ فحجّته : أنّ وضع الاسم في حقّ الواحد منّا يعدّ سوء أدب ؛ ففي حقّ الله ـ تعالى ـ أولى.
أما ذكر الصّفات بالألفاظ المختلفة ، فهو جائز في حقّنا من غير منع ، فكذلك في حقّ الباري تعالى.
فصل في بيان صفات لا تثبت في حق الله
اعلم أنه قد ورد في القرآن ألفاظ دالة على صفات لا يمكن إثباتها في حق الله تعالى ، ونحن نعدّ منها صورا :
فإحداها : الاستهزاء ؛ قال تبارك وتعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) [البقرة : ١٥] ثم إن الاستهزاء جهل ؛ لقول موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ حين قالوا : (أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) [البقرة : ٦٧].
وثانيها : المكر قال الله تعالى : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) [آل عمران : ٥٤].
وثالثها : الغضب ؛ قال الله تعالى : (غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) [المجادلة : ١٤].
ورابعها : التعجّب ؛ قال الله تعالى : (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) [الصافات : ١٢].
فمن قرأ (٢) : «عجبت» بضم التاء كان التعجب منسوبا إلى الله ـ تعالى ـ والتعجّب : عبارة عن حالة تعرض في القلب عند الجهل بسبب الشيء المتعجّب منه.
وخامسها : التكبر ؛ قال الله تعالى : (الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ) [الحشر : ٢٣]. وهو صفة ذمّ.
وسادسها : الحياء ؛ قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً) [البقرة :
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ستأتي في سورة الصافات