وطلب بعضهم آية من خالد بن الوليد فقال : إنك تدعي الإسلام ، فأرنا آية لنسلم ؛ فقال : جيئوني بالسّمّ القاتل ، فأتي بطاس من السّم ، فأخذها بيده وقال : بسم الله الرّحمن الرّحيم ، وأكل الكلّ ، وقام سالما بإذن الله ـ تعالى ـ فقال المجوسي : هذا دين حقّ.
مرّ عيسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ على قبر ، فرأى ملائكة العذاب يعذّبون ميتا ، فلما انصرف من حاجته مرّ على القبر ، فرأى ملائكة الرحمة معهم أطباق من نور ، فتعجّب من ذلك ، فصلّى ودعا الله ، فأوحى الله ـ تعالى ـ إليه : يا عيسى ، كان [هذا](١) العبد عاصيا ، ومذ مات كان محبوسا في عذابي ، وكان قد ترك امرأة حبلى فولدت ولدا ، وربّته حتّى كبر ، فسلمته إلى الكتّاب ، فلقّنه المعلم (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، فاستحييت من عبدي أن أعذّبه بناري في بطن الأرض ، وولده يذكر اسمي على [وجه](٢) الأرض.
وأسرار (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) أكثر من أن تحصى وهذا القدر كاف والله أعلم.
[سورة فاتحة الكتاب](٣)
وهي مكّية في قول الأكثرين ، وهي سبع آيات ، وتسع وعشرون كلمة ، ومائة واثنان وأربعون حرفا.
عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم وشرف وكرم وبجل ومجد وعظم وفخم ـ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، سبع آيات ، إحداهن (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، وهي السّبع المثاني ، وهي أمّ القرآن ، وهي فاتحة الكتاب» (٤).
قال عليّ بن أبي طالب (٥) ـ كرم الله وجهه ـ : «نزلت فاتحة الكتاب ب «مكة» من [كنز] تحت العرش» (٦).
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : ظهر.
(٣) سقط في ب.
(٤) أخرجه البيهقي (٢ / ٤٥) والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٢٠) وعزاه للدارقطني.
(٥) علي بن أبي طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي أبو الحسن ابن عمّ النبي صلىاللهعليهوسلم وختنه على بنته ، أمير المؤمنين ، يكنى أباه تراب ، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم ، وهي أول هاشمية ولدت هاشميا له خمسمائة حديث وستة وثمانون حديثا. شهد بدرا والمشاهد كلها. قال أبو جعفر : كان شديد الأدمة ربعة إلى القصر ، وهو أول من أسلم من الصبيان جمعا بين الأقوال. قال له النبي صلىاللهعليهوسلم «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» وفضائله كثيرة. استشهد ليلة الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت أو خلت من رمضان سنة أربعين ، وهو حينئذ أفضل من على وجه الأرض. ينظر الخلاصة : ٢ / ٢٥٠ ، وطبقات ابن سعد : ٢ / ٣٣٧ ، ٣ / ١٩ ، ٦ / ١٢ ، وغاية النهاية : ٥٤٦ ، والتقريب : ٢ / ٣٩ ، وشذرات الذهب : ١ / ٩ ، وتهذيب الكمال : ٢ / ٤٧٢.
(٦) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ١٩) وعزاه للواحدي في أسباب النزول والثعلبي في «تفسيره».