وأنّ المعوذتين ليستا من القرآن عنده ، وسيأتي الكلام على ذلك آخر الكلام على الفاتحة إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٢)
قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ).
الحمد (١) : الثناء على الجميل سواء كانت نعمة مبتدأة إلى أحد أم لا.
يقال : حمدت الرجل على ما أنعم به ، وحمدته على شجاعته ، ويكون باللسان وحده ، دون عمل الجوارح ، إذ لا يقال : حمدت زيدا أي : عملت له بيدي عملا حسنا ، بخلاف الشكر ؛ فإنه لا يكون إلّا على نعمة مبتدأة إلى الغير.
يقال : شكرته على ما أعطاني ، ولا يقال : شكرته على شجاعته ، ويكون بالقلب ، واللّسان ، والجوارح ؛ قال الله تعالى : (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً) [سبأ : ١٣] وقال الشاعر: [الطويل]
٣٧ ـ أفادتكم النّعماء منّي ثلاثة |
|
يدي ولساني والضّمير المحجّبا (٢) |
فيكون بين الحمد والشّكر عموم وخصوص من وجه.
وقيل : الحمد هو الشكر ؛ بدليل قولهم : «الحمد لله شكرا».
وقيل : بينهما عموم وخصوص مطلق.
والحمد أعمّ من الشّكر.
وقيل : الحمد : الثناء عليه تعالى [بأوصافه ، والشكر : الثناء عليه بأفعاله](٣) فالحامد قسمان : شاكر ومثن بالصفات الجميلة.
وقيل : الحمد مقلوب من المدح ، وليس بسديد ـ وإن كان منقولا عن ثعلب ؛ لأنّ المقلوب (٤) أقلّ استعمالا من المقلوب منه ، وهذان مستويان في الاستعمال ، فليس ادعاء قلب أحدهما من الآخر أولى من العكس ، فكانا مادّتين مستقلّتين.
__________________
ـ وينظر ترجمته في تهذيب الكمال : ٢ / ٧٤٠ ، تهذيب التهذيب : ٦ / ٢٧ (٤٢). تقريب التهذيب : ١ / ٤٥٠ (٦٣٠) ، خلاصة تهذيب الكمال : ٢ / ٩٩. الكاشف : ٢ / ١٣٠ ، تاريخ البخاري الكبير : ٥ / ٢ ، أسد الغابة ٣ / ٣٨٤. تجريد أسماء الصحابة : ١ / ٣٣٤ ، الإصابة : ٢ / ٣٦ ، ٤ / ٢٣٣. الاستيعاب (٣ ـ ٤) ٩٨٧ الوافي بالوفيات ١٧ / ٤٠٦. الحلية : ١ / ٣٧٥. طبقات ابن سعد : ٩ / ١٢٢.
(١) ينظر المفردات للراغب : ١٣٠.
(٢) ينظر الكشاف : ١ / ٨ ، وابن كثير : ١ / ٢٢ ، وغرائب الفرقان : ١ / ٩٢ ، والدر المصون : ١ / ٦٣.
(٣) سقط في أ.
(٤) في أ : المنقول.