وإنما خصّ «يوم الدين» بالذكر مع كونه مالكا للأيّام كلّها ؛ لأنّ الأملاك يومئذ زائلة ، فلا ملك ولا أمر إلّا له ؛ قال الله تعالى : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ) [الفرقان : ٢٦] ، وقال : «لمن الملك اليوم لله الواحد القهّار» ، وقال تعالى : (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) [الانفطار : ١٩].
فصل فيمن قرأ بالإدغام هنا
قرأ أبو عمرو (١) ـ رحمهالله تعالى : ـ «الرّحيم ملك» بإدغام الميم في الميم ، وكذلك يدغم كلّ حرفين من جنس واحد ، أو مخرج واحد ، أو [كانا](٢) قريبي المخرج ، سواء كان الحرف ساكنا أو متحرّكا ، إلّا أن يكون الحرف الأوّل مشدّدا ، أو منوّنا ، أو منقوصا أو مفتوحا ، أو تاء الخطاب قبله ساكن في غير المثلين ، فإنه لا يدغمها ، وإدغام المتحرك يكون في الإدغام الكبير ، وافقه حمزة (٣) من إدغام المتحرك في قوله تعالى : (بَيَّتَ طائِفَةٌ) [النساء : ٨١](وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِراتِ زَجْراً فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) [الصافات : ١ و ٢ و ٣] ، (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً) [الذاريات : ١].
وأدغم التاء فيما بعدها من الحروف وافقه حمزة برواية رجاء (٤) ، وخلف (٥) ،
__________________
(١) انظر إتحاف فضلاء البشر : ١ / ٣٦٣ ، وقال : وكذا يعقوب .. وافقهما ابن محيصن في المفردة ، واليزيدي بخلف ، والحسن والمطوعي.
(٢) سقط في ب.
(٣) حمزة بن حبيب بن عمار بن إسماعيل الإمام الحبر أبو عمارة الكوفي التيمي مولاهم ، وقيل : من صميمهم الزيات أحد القراء السبعة ، ولد سنة ثمانين وأدرك الصحابة بالسن فيحتمل أن يكون رأى بعضهم. قالوا استفتح حمزة القرآن من حمران وعرض على الأعمش وأبي إسحاق وابن أبي ليلى. قال يحيى بن معين سمعت محمد بن فضيل يقول : ما أحسب أن الله يدفع البلاء عن أهل الكوفة إلا بحمزة ، توفي سنة ست وخمسين ومائة.
ينظر تهذيب الكمال : ١ / ٣٣١ ، تهذيب التهذيب : ٣ / ٢٧ ، تقريب التهذيب : ١ / ١٩٩ ، خلاصة تهذيب الكمال : ١ / ٢٥٥ ، الكاشف : ١ / ٢٥٤ ، تاريخ البخاري الكبير : ٣ / ٥٢ ، الجرح والتعديل : ٣ / ٩١٦ ، ميزان الاعتدال : ١ / ٦٠٥ ، لسان الميزان : ٧ / ٢٠٤ ، الوافي بالوفيات ح ١٣ رقم ١٩٦ ص ١٧٣ ، سير الأعلام ٧ / ٩٠ والحاشية ، البداية والنهاية : ١٠ / ١١٥ ، الثقات : ٦ / ٢٢٨ ، ديوان الإسلام : ت ٧٤٣.
(٤) رجاء بن عيسى بن رجاء بن حاتم أبو المستنير الجوهري الكوفي مقرىء ، قرأ على إبراهيم بن زربي وعبد الرحمن بن قلوقا ويحيى بن علي الخزاز وترك الحذاء ، قرأ عليه القاسم بن نصر وسليمان بن يحيى بن الوليد الضبي وقال مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين ببغداد.
ينظر الغاية : ١ / ٢٨٣ (١٢٦٥).
(٥) خلف بن هشام بن ثعلب بن خلف بن ثعلب بن هشيم بن ثعلب بن داود بن مقسم بن غالب أبو محمد الأسدي ويقال خلف بن هشام بن طالب بن غراب الإمام العلم أبو محمد البزار بالراء البغدادي أصله من فم الصلح بكسر الصاد أحد القراء العشرة وأحد الرواة عن «ع» سليم عن حمزة ولد سنة خمسين ومائة وحفظ القرآن وهو ابن عشر سنين وابتدأ في الطلب وهو ابن ثلاث عشرة. وكان ثقة كبيرا ـ