«لا» زائدة من غير تقدّم نفي ، كهذه المواضع المتقدمة.
ويحتمل أن تكون «لا» في قوله : «لا البخل» مفعولا به ل «أبى» ، ويكون نصب «البخل» على أنه بدل من «لا» أي : أبى جوده قول لا ، وقول : لا هو البخل ، ويؤيد هذا قوله : «واستعجلت به نعم» فجعل «نعم» فاعل «استعجلت» ، فهو من الإسناد اللّفظي ، أي : إلى جود هذا اللّفظ ، واستعجل به هذا اللفظ.
وقيل : إن نصب «غير» بإضمار أعني. ويحكى عن الخليل ، وقدّر بعضهم بعد «غير» محذوفا قال : التقدير : «غير صراط المغضوب» ، وأطلق هذا التّقدير ، فلم يقيده بجرّ «غير» ، ولا نصبه ولا يتأتى ذلك إلّا مع نصبها ، وتكون صفة لقوله تعالى : (الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) وهذا ضعيف ؛ لأنه متى اجتمع البدل (١) والوصف قدم الوصف ، فالأولى أن تكون صفة ل (صِراطَ الَّذِينَ) ، ويجوز أن تكون بدلا من (الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) ، أو من (صِراطَ الَّذِينَ)(٢) إلا أنه يلزم منه تكرار البدل ، وفي جوازه نظر ، وليس في المسألة نقل ، إلّا أنهم قد ذكروا ذلك في بدل البداء خاصّة ، أو حالا من «الصراط» الأول أو الثاني.
واعلم أنّه حيث جعلنا «غير» صفة فلا بد من القول (٣) بتعريف «غير» ، أو إبهام الموصوف ، وجريانه مجرى النكرة ، كما تقدم تقريره ذلك في القراءة بجرّ «غير».
و «لا» في قوله تعالى : (وَلَا الضَّالِّينَ) زائدة لتأكيد معنى النّفي المفهوم من «غير» لئلا يتوهّم عطف «الضّالين» على «الذين أنعمت».
وقال الكوفيون : هي بمعنى «غير» وهذا قريب من كونها زائدة ، فإنه لو صرح ب «غير» كانت للتأكيد أيضا ، وقد قرأ بذلك عمر بن الخطّاب وأبيّ رضي الله عنهما.
و «الضّالين» مجرور عطفا على «المغضوب» ، وقرىء شاذا (٤) «الضّألّين» بهمز الألف ؛ وأنشدوا : [الطويل]
٨٩ ـ وللأرض أمّا سودها فتجلّلت |
|
بياضا ، وأمّا بيضها فادهأمّت (٥) |
__________________
(١) في أ : الموصوف.
(٢) زاد في أ : ويجوز أن تكون بدلا من «الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ».
(٣) في أ : التقدير.
(٤) قرأ بها أيوب السختياني. انظر الكشاف : ١ / ١٧ ، والمحرر الوجيز : ١ / ٧٨ ، والبحر المحيط : ١ / ١٥١.
(٥) البيت لكثير وهو في ديوانه : ١١٣ ، ينظر ابن يعيش : ١٠ / ١٢ ، المحتسب : ١ / ٤٧ ، المخصص : ١٥ / ١٦٦ ، الممتع : ٣٢٢ ، رصف المباني : ٥٧ ، المقرب : ٢ / ١٦٠ ، شرح الشافية : ٣ / ٢٠٥ ، المحرر الوجيز : ١ / ٧٨ ، البحر المحيط : ١ / ١٥١ ، الدر : ١ / ٨٥ ، الصناعة : ١ / ٨٤ ، الممتع : ١ / ٣٢٢ ، الهمع : ٢ / ١٩٩ ، الدرر : ٢ / ٢٣٠.