الصّلاة قراءة فقال : «نعم» ، فقال السّائل : وجبت ، فأقر النبي صلىاللهعليهوسلم ذلك الرجل على قوله : «وجبت» (١).
الثالث : عن ابن مسعود ـ رضي الله تعالى عنه ـ أن النبي صلىاللهعليهوسلم سئل : أيقرأ في الصلاة؟
فقال عليه الصلاة والسلام : «أتكون صلاة بغير قراءة» (٢) ، هذان الخبران نقلهما من تعليق الشيخ أبي حامد الإسفرايني (٣).
وحجّة الأصم ـ رحمهالله تعالى ـ قوله عليه الصلاة والسلام : «صلّوا كما رأيتموني أصلّي» (٤) جعل الصلاة من الأشياء المرئية ، والقراءة ليست مرئية ، فوجب كونها خارجة عن الصلاة ، والجواب : أنّ الرؤية إذا كانت متعدية إلى مفعولين كانت بمعنى العلم.
فصل
قال الشافعي ـ رحمهالله تعالى ـ : قراءة الفاتحة واجبة في الصلاة ، فإن ترك منها حرفا واحدا وهو يحسنها لم تصحّ صلاته ، وبه قال الأكثرون.
وقال أبو حنيفة ـ رضي الله تعالى عنه ـ : لا تجب قراءة الفاتحة.
لنا وجوه :
الأول : أنه ـ عليه الصّلاة والسلام ـ واظب طول عمره على قراءة الفاتحة في الصّلاة ، فوجب علينا ذلك ، لقوله تعالى : (وَاتَّبِعُوهُ) [الأعراف : ١٥٨] ، ولقوله : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) [النور : ٦٣] ، ولقوله تعالى : (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) [آل عمران : ٣١].
__________________
ـ عدي بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي ، أبو الدرداء له ١٧٩ حديثا. من أقواله : ربّ شهوة ساعة أورثت حزنا طويلا ، أسلم يوم بدر وشهد أحدا. جمع القرآن وولي قضاء دمشق ، وله فضائل جمة. توفي سنة ٣٢ ه.
ينظر الخلاصة : ٢ / ٣١٠ (٥٥٠٠) الاصابة : ٤ / ٧٤٧ ـ ٧٤٨. وغاية النهاية : ١ / ٦٠٦ ـ ٦٠٧.
(١) ينظر سنن النسائي : ٢ / ١٤٢ ، كتاب الافتتاح باب اكتفاء المأموم بقراءة الإمام.
(٢) ينظر الدارقطني في السنن : ١ / ٣٢٠ كتاب الصلاة باب وجوب قراءة أم الكتاب في الصلاة.
(٣) أحمد بن محمد بن أحمد الأسفراييني أبو حامد : من أعلام الشافعية ولد في ٣٤٤ ه رحل إلى بغداد ، فتفقه فيها وعظمت مكانته ، وألف كتبا منها مطول في «أصول الفقه» ومختصر في الفقه سماه «الرونق» توفي في بغداد ٤٠٦ ه.
ينظر طبقات الشافعية : ٣ / ٢٤ ، البداية والنهاية : ١٢ / ٢ ، ابن خلكان : ١ / ١٩ ، ياقوت : ١ / ٢٤٧ ـ ٢٤٨ ، الأعلام : ١ / ٢١١.
(٤) أخرجه البخاري في الصحيح (٢ / ١١١) كتاب الأذان : (١٠) باب الأذان للمسافر (١٨) حديث رقم (٦٣١) وفي (١٠ / ٤٣٨) كتاب الأدب (٧٨). باب رحمة الناس والبهائم (٢٧) حديث رقم (٦٠٠٨). وأحمد في المسند (٥ / ٥٣). والدارقطني في السنن (١ / ٢٧٣ ، ٣٤٦). والبيهقي في السنن (٢ / ٣٤٥) ـ وذكره ابن حجر في تلخيص الحبير (٢ / ١٢٢) ، وابن عبد البر في التمهيد (٥ / ١١٧) ، (٩ / ٢١٣).