وأيضا فقوله : سورة «الكوثر» ثلاث آيات يعني ما هو خاصية هذه السورة ثلاث آيات ، وأما التسمية فهي كالشيء المشترك فيه بين جميع السور ، فسقط هذا السؤال ، والله أعلم.
فصل في الجهر بالتسمية والإسرار بها
يروى عن أحمد بن حنبل ـ رضي الله عنه ـ أن التسمية آية من الفاتحة إلا أنه يسر بها في كل ركعة.
وأما الشافعي ـ رضي الله تعالى عنه ـ فإنه قال : ليست آية من الفاتحة ويجهر بها.
وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه : ليست آية من الفاتحة ، ولا يجهر بها.
والاستقراء دل على أن السورة الواحدة ، إما أن تكون بتمامها سرية أو جهرية ، وإما أن يكون بعضها سريا ، وبعضها جهريا ، فهذا مفقود في جميع السور ، وإذا ثبت هذا كان الجهر بالتسمية شروعا في القراءة الجهرية.
وقالت الشيعة : السنة هي الجهر بالتسمية ، سواء كانت الصلاة [جهرية أو سرية](١).
والذين قالوا : إن التسمية ليست من أوائل السور اختلفوا في سبب إثباتها في المصحف في أول كل سورة ، وفيه قولان :
الأول : أن التسمية ليست من القرآن ، وهؤلاء فريقان :
منهم من قال : كتبت للفصل بين السور ، وهذا الفصل قد صار الآن معلوما ، فلا حاجة إلى إثبات التسمية ، فعلى هذا لو لم تكتب لجاز.
ومنهم من قال : إنه يجب إثباتها في المصحف ، ولا يجوز تركها أبدا.
والقول الثاني : أنها من القرآن ، وقد أنزلها الله تعالى ، ولكنها آية مستقلة بنفسها ، وليست بآية من السورة ، وهؤلاء أيضا فريقان :
منهم من قال : إن الله ـ تعالى ـ كان ينزلها في أول كل سورة على حدة.
ومنهم من قال : لا ، أنزلها مرة واحدة ، وأمر بإثباتها في [أول](٢) كل سورة.
والذي يدل على أن الله ـ تعالى ـ أنزلها ، وعلى أنها من القرآن ما روي عن أم سلمة ـ رضي الله تعالى عنها ـ أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يعد «بسم الله الرحمن الرحيم» آية فاصلة.
وعن إبراهيم بن يزيد قال : قلت لعمرو بن دينار (٣) : إن الفضل الرقاشي يزعم أن
__________________
(١) في أ : السرية أو الجهرية.
(٢) سقط في أ.
(٣) عمرو بن دينار الجمحي مولاهم أبو محمد المكي الأثرم ، أحد الأعلام ، عن العبادلة وكريب ومجاهد وخلق ، وعنه قتادة وأيوب وشعبة والسفيانان والحمادان وخلق ، قال ابن المديني : له خمسمائة حديث قال مسعر : كان ثقة ثقة ثقة. قال الواقدي مات سنة خمس عشرة ومائة ، وقال ابن عيينة : في أول سنة ست عشرة. ـ