وعن أبي هريرة ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال : بعث النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعثا ثم أتبعهم بسفر ، فجاء إنسان منهم فقال : «ما معك من القرآن؟» حتى أتى على أحدثهم سنا فقال له : «ما معك من القرآن؟» قال : كذا وكذا ، وسورة البقرة فقال : «اخرجوا وهذا عليكم أمير» فقالوا : يا رسول الله هو أحدثنا فقال : «معه سورة البقرة» (١).
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى : (الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(٢)
إن قيل : إن الحروف المقطعة في أوائل السور أسماء حروف التهجي ، بمعنى أن الميم اسم ل «مه» ، والعين ل «عه» ، وإن فائدتها إعلامهم بأن هذا القرآن منتظم من جنس ما تنتظمون من كلامكم ، ولكن عجزتم عنه ، فلا محل لها حينئذ من الإعراب ، وإنما جيء بها لهذه الفائدة ، فألقيت كأسماء الأعداد ونحو : «واحد اثنان» ، وهذا أصح الأقوال الثلاثة ، أعني أن في الأسماء التي لم يقصد الإخبار عنها ولا بها ثلاثة أقوال :
أحدها : ما تقدم.
والثاني : أنها معربة ، بمعنى أنها صالحة للإعراب ، وإنما فآت شرطه وهو التركيب ، وإليه مال الزمخشري رحمهالله.
والثالث : أنها موقوفة أي لا معربة ولا مبنية.
أو إن قيل : إنها أسماء السور المفتتحة بها ، أو إنها بعض أسماء الله ـ تعالى ـ حذف بعضها ، وبقي منها هذه الحروف دالة عليها وهو رأي ابن عباس ـ رضي الله تعالى عنهما ـ كقوله : الميم من «عليهم» ، والصاد من «صادق» ، فلها حينئذ محل من الإعراب ويحتمل الرفع والنصب والجر :
فالرفع على أحد وجهين : إما بكونها مبتدأ ، وإما بكونها خبرا كما سيأتي بيانه مفصلا إن شاء الله تعالى.
والنصب على أحد وجهين أيضا : إما بإضمار فعل لا ئق ، تقديره : اقرؤا : «الم» ، وإما بإسقاط حرف القسم ؛ كقول الشاعر : [الوافر]
٩٧ ـ إذا ما الخبز تأدمه بلحم |
|
فذلك أمانة الله الثريد (٢) |
__________________
(١) أخرجه البخاري في الصحيح (٦ / ٢٣٧) ، (٧ / ١٧ ، ٢٠٢) والترمذي في السنن (٥ / ١٤٤) كتاب فضائل القرآن (٤٦) باب ما جاء في فضل سورة البقرة وآية الكرسي (٢) حديث رقم (٢٨٧٦) وقال أبو عيسى هذا حديث حسن ـ والدارقطني في السنن (٢ / ٤٤٨) باب في فضل سورة البقرة والطبراني في الكبير (٦ / ١٦٤ ، ١٧ ، ٢٢٧) ـ وذكره الزيلعي في نصب الرآية (٣ / ٢٠٠) ـ وابن حجر في فتح الباري ٩ / ٧٤ ، ١٠ / ٣٢٣.
(٢) ينظر الكتاب : ٣ / ٦١ ، ٤٩٨ ، شرح المفصل : ٩ / ٩٢ ، ١٢ / ١٠٤٢ ، اللسان : أدم ، المخصص : ١٣ / ـ