وكذا قوله «اختلف أهل التأويل في هذه الآية». فالتفسير والتأويل كلاهما بمعنى.
ـ ثانيهما : هو نفس المراد بالكلام ، فإن كان الكلام طلبا كان تأويله نفس الفعل المطلوب ، وإن كان خبرا كان تأويله نفس الشيء المخبر به ...
وعليه :
فالتأويل هنا نفس الأمور الموجودة في الخارج سواء كانت ماضية أم مستقبلة ، فإذا قيل : طلعت الشمس ، فتأويل هذا هو نفس طلوعها ، وهذا في نظر «ابن تيمية» هو لغة القرآن التي نزل بها ، وعلى هذا فيمكن إرجاع كل ما جاء في القرآن من لفظ التأويل إلى هذا المعنى الثاني(١).
أما التأويل عند المتأخرين من الأصوليين والكلاميين وغيرهم :
فهو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به ، وهذا هو التأويل الذي يتكلمون عليه في أصول الفقه ومسائل الخلاف (٢).
قال في جمع الجوامع (٣) :
«التأويل حمل الظاهر على المحتمل المرجوح ، فإن حمل عليه دليل فصحيح ، أو لما يظن دليلا من الواقع ففاسد ، أو لا لشيء فلعب لا تأويل».
«الفرق بين التّفسير والتّأويل»
اختلف علماء «التفسير» في بيان الفرق بين التفسير والتأويل. ولعل منشأ هذا الخلاف «هو استعمال القرآن لكلمة التأويل ، ثم ذهاب الأصوليين إلى اصطلاح خاص فيها ، مع شيوع الكلمة على ألسنة المتكلمين من أصحاب المقالات والمذاهب» (٤).
ـ ومن العلماء من ذهب إلى أنهما بمعنى واحد .. ومن هؤلاء : «أبو عبيد القاسم بن سلام» وطائفة معه (٥).
ـ ومنهم من فرق بينهما.
يقول الراغب الأصفهاني (٦) :
__________________
(١) التفسير والمفسرون ١ / ١٩ (بتصرف وإيجاز).
(٢) راجع : التفسير والمفسرون ١ / ١٩.
(٣) ج ٢ / ٥٦ ، والتفسير والمفسرون ١ / ٢٠.
(٤) التفسير. معالم حياة ـ ص ٦.
(٥) الإتقان ٢ / ١٧٣ ، التفسير والمفسرون ١ / ٢١ ، والإسرائيليات والموضوعات ٤٣.
(٦) التفسير والمفسرون ١ / ٢١ ، نشأة التفسير في الكتب المقدسة والقرآن / السيد خليل ص ٢٩ ، نقلا عن : مقدمة التفسير للراغب ص ٤٠٢ ـ ٤٠٣. آخر كتاب تنزيه القرآن عن المطاعن للقاضي عبد الجبار.