و «نفق» الشيء بالبيع نفاقا ونفقت الدابة : ماتت نفوقا ، والنفقة : اسم المنفق.
فصل في معاني «من»
و «من» هنا لابتداء الغاية.
وقيل : للتبعيض ، ولها معان أخر :
بيان الجنس : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) [الحج : ٣٠].
والتعليل : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ) [البقرة : ١٩].
والبدل : (بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ) [التوبة : ٣٨].
والمجاوزة : (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ) [آل عمران : ١٢١].
وانتهاء الغاية : «قربت منه».
والاستعلاء (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ) [الأنبياء : ٧٧].
والفصل : (يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) [البقرة : ٢٢٠].
وموافقة «الباء» (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) [الشورى : ٤٥] ، (ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) [فاطر : ٤٠].
والزيادة باطّراد ، وذلك بشرطين كون المجرور نكرة والكلام غير موجب. واشترط الكوفيون التنكير فقط ، ولم يشترط الأخفش شيئا. و «الهمزة» في «أنفق» للتّعدية ، وحذفت من «ينفقون» لما تقدم في «يؤمنون».
فصل في قوله تعالى (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ)
قال ابن الخطيب : في قوله : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) فوائد :
إحداها : أدخل «من» للتبعيض نهيا لهم عن الإسراف والتّبذير المنهي عنه.
وثانيها : قدم مفعول الفعل دلالة على كونه أهمّ ، كأنه قال : يخصّون بعض المال بالتصدق به.
وثالثها : يدخل في الإنفاق المذكور في الآية ، الإنفاق الواجب ، والإنفاق المندوب ، والإنفاق الواجب أقسام :
أحدها : الزكاة وهي قوله تعالى : (يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها) [التوبة : ٣٤].
وثانيها : الإنفاق على النفس ، وعلى من تجب عليه نفقته.
وثالثها : الإنفاق في الجهاد. وأما الإنفاق المندوب فهو أيضا إنفاق لقوله تعالى : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ) ، وأراد به الصدقة ؛ لقوله بعد : (فَأَصَّدَّقَ