وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) [المنافقون : ١٠] فكل هذه داخلة تحت الآية ، لأن كل ذلك سبب لاستحقاق المدح.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)(٤)
«والّذين» عطف على «الذين» قبلها ، ثم لك اعتباران :
أحدهما : أن يكون من باب عطف بعض الصفات على بعض كقوله : [المتقارب]
١٢٨ ـ إلى الملك القرم وابن الهمام |
|
وليث الكتيبة في المزدحم (١) |
وقوله : [السريع]
١٢٩ ـ يا ويح زيّابة للحارث الص |
|
صابح فالغانم فالآيب (٢) |
يعني : أنهم جامعون بين هذه الأوصاف إن قيل : إن المراد بها واحد.
الثاني : أن يكونوا غيرهم.
وعلى كلا القولين ، فيحكم على موضعه بما حكم على موضع «الّذين» المتقدمة من الإعراب رفعا ونصبا وجرّا قطعا وإتباعا كما مر تفصيله.
ويجوز أن يكون عطفا على «المتّقين» ، وأن يكون مبتدأ خبره «أولئك» ، وما بعدها إن قيل : إنهم غير «الذين» الأولى. و «يؤمنون» صلة وعائد.
و «بما أنزل» متعلّق به و «ما» موصولة اسمية ، و «أنزل» صلتها ، وهو فعل مبني للمفعول ، لعائد هو الضّمير القائم مقام الفاعل ، ويضعف أن يكون نكرة موصوفة وقد منع أبو البقاء (٣) ذلك قال : لأن النكرة الموصوفة لا عموم فيها ، ولا يكمل الإيمان إلا بجميع ما أنزل.
__________________
(١) ينظر الإنصاف : (٢٧٦) ، الخزانة : (١ / ٤٥١) ، الكشاف : (١ / ٤١) ، القطر : (٢٩٥) ، وقطر الندى : (٤١٧) ، القرطبي : (١ ، ٢٧٢) ، البحر : (٥ / ٢١٣) ، الدر : (١ / ٩٨). واستشهد به على جواز عطف أحد الخبرين على الآخر بالواو ، مع اتصاف مجموع المبتدأ بكل واحد من الخبرين ؛ تقول : زيد كريم شجاع ، وزيد كريم وشجاع ؛ كما يعطف بعض الأوصاف على بعض ؛ كما في الشاهد ؛ حيث عطف ابن الهمام «وليث الكتيبة» على الصفة الأولى وهي «القرم».
وكذا ما هو بمنزلته ؛ في رجوع الضمير من كل واحد من الخبرين إلى مجموع المبتدأ ، نحو : هذا أبيض وأسود وهذا حلو حامض ، وأما إذا لم يرجع ضمير كل واحد إلى مجموع المبتدأ ، نحو : هما عالم وجاهل ، فلا بد من الواو ؛ لأن المبتدأ مفكوك تقديرا ، أي : أحدهما عالم والآخر جاهل.
(٢) البيت لامرىء القيس. ينظر الحماسة : (١ / ٩٢) ، الخزانة : (٢ / ٣٣١) ، وأمالي الشجري : (٢ / ٢١٠) ، الهمع : (٢ / ١١٩) ، الدرر : (٢ / ١٥٠) ، المغني (١ / ١٦٣) ، الخزانة : (٥ / ١٠٧) ، الكشاف : (١ / ١٣٣) ، الدر : (١ / ٩٩) ، سمط اللآلي : ٥٠٤ ، معجم الشعراء : ٢٠٨ ، الجنى الداني : ٦٥.
(٣) ينظر الإملاء : ١ / ١٣.