اللّباب في علوم الكتاب [ ج ١ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في اللّباب في علوم الكتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

١٤٤ ـ لكلّ همّ من الهموم سعه

والمسي والصّبح لا فلاح معه (١)

والمفلج ـ بالجيم ـ مثله ، ومعنى التعريف في «المفلحون» الدلالة على أن المتقين هم الناس أي : أنهم الذين إذا حصلت صفة المفلحين فهم هم كما تقول لصاحبك : هل عرفت الأسد ، وما جبل عليه من فرط الإقدام؟ إن زيدا هو هو.

فصل فيمن احتج بالآية على مذهبه

هذه الآية يتمسّك بها الوعيدية والمرجئة.

أما الوعيديّة فمن وجهين :

الأول : أن قوله : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) يقتضي الحصر ، فوجب فيمن أخل بالصلاة والزكاة أن لا يكون مفلحا ، وذلك يوجب القطع بوعيد تارك الصّلاة والزكاة.

الثاني : أن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بكون ذلك الوصف علة (٢) لذلك

__________________

(١) البيت للأضبط بن قريع. ينظر القرطبي : (١ / ١٢٧) ، المحرر الوجيز : (١ / ١٨٦) ، الدر : (١ / ١٠٢).

(٢) العلّة تأتي بكسر العين وبفتحها :

أما بالكسر : فإنها تأتي بمعنى المرض ، يقال : اعتلّ العليل علة صعبة ؛ من علّ يعل ، واعتلّ ، أي : مرض فهو عليل ، وأما بالفتح : فإنها تأتي بمعنى الضرّة ، وبنو العلات : بنو رجل واحد من أمّهات شتّى ، وإنما سميت الزوجة الثانية علّة ؛ لأنها تعل بعد صاحبتها ؛ من العلل الذي يعنى به : الشربة الثانية عند سقي الإبل ، والأولى منها تسمى النهل.

ويقال : هذا علة لهذا ، أي : سبب ، وفي حديث عائشة : «فكان عبد الرحمن يضرب رجلي بعلة الراحلة» ، أي : بسببها.

أما العلّة عند علماء الأصول ؛ فلها تعريفات كثيرة منها :

الأول : أنه يراد بها :

الوصف المؤثّر في الأحكام لجعل الشارع لا لذاته ، ومما سار على ضرب هذا التعريف الإمام الغزالي ، وبعض الأصوليين. قال حجة الإسلام ـ قدس الله سره ونوّر ضريحه ـ : والعلّة في الأصل : عبارة عما يتأثر المحلّ بوجوده ؛ ولذلك سمي المرض علة ، وهي في اصطلاح الفقهاء على هذا المذاق.

وقال أيضا : العلة عبارة عن موجب الحكم ؛ والموجب : ما جعله الشرع موجبا ، مناسبا كان أو لم يكن ، وهي كالعلل العقلية في الإيجاب ، إلا أن إيجابها بجعل الشارع إيّاها موجبة لا بنفسها.

وقال أيضا : والعلّة موجبة ؛ أما العقلية فبذاتها ، وأما الشرعية فبجعل الشرع إياها موجبة ، على معنى إضافة الوجوب إليها ؛ كإضافة وجوب القطع إلى السّرقة ، وإن كنا نعلم أنه إنما يجب بإيجاب الله ـ تعالى ـ.

والثاني : أنه يراد بها : المعرف للحكم ، والذين صاروا إلى هذا التعريف يجعلونها بهذا المعنى ـ علما ـ على الحكم ، فمتى ما وجد المعنى المعلّل به ، عرف الحكم حتى إن بعضهم صرّح بكونها كذلك ؛ فقال : ما جعل علما على حكم النص ، وعنوا بقولهم : «علما» : الأمارة والعلامة ؛ وبهذا تكون العلّة أمارة على وجود الحكم في الفرع والأصل معا ، أو علامة على وجوده في الفرع فقط ؛ كما يرى بعض الأصوليين. ـ