ومنهم من قال : هو خلق الدّاعية التي إذا انضمّت إلى القدرة صار مجموع القدرة معها سببا موجبا لوقوع الكفر.
وأما المعتزلة فأوّلوا هذه الآية ، ولم يجروها على ظاهرها.
أما قوله تعالى : (لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) أي : في الآخرة.
وقيل : الأسر والقتل في الدنيا ، والعذاب الدائم في العقبى.
و «العذاب» مشتق من «العذب» وهو القطع ، ومنه سمي الماء الفرات عذبا ؛ لأنه يقطع العطش.
قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ)(٨)
«من الناس» خبر مقدم ، و «من يقول» مبتدأ مؤخر ، و «من» تحتمل أن تكون موصولة ، أو نكرة موصوفة أي : الذي يقول ، أو فريق يقول ، فالجملة على الأول لا محل لها ؛ لكونها صلة ، وعلى الثاني محلها الرفع ؛ لكونها صفة للمبتدأ.
واستضعف أبو البقاء أن تكون موصولة ، قال : لأن «الذي» يتناول قوما بأعيانهم ، والمعنى هنا على الإبهام.
وهذا منه غير مسلم ؛ لأنّ المنقول أنّ الآية نزلت في قوم بأعيانهم كعبد الله بن أبي ورهطه.
وقال الزمخشري : إن كانت أل للجنس كانت «من» نكرة موصوفة كقوله : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ) [الأحزاب : ٢٣].
وإن كانت للعهد كانت موصولة ، وكأنه قصد مناسبة الجنس للجنس ، والعهد للعهد ، إلا أن هذا الذي قاله غير لازم ، بل يجوز أن تكون «أل» للجنس ، وتكون «من» موصولة ، وللعهد و «من» نكرة موصوفة.
وزعم الكسائيّ أنها لا تكون نكرة إلّا في موضع تختص به النكرة ؛ كقوله : [الرمل]
١٦٨ ـ ربّ من أنضجت غيظا صدره |
|
لو تمنّى لي موتا لم يطع (١) |
وهذا الذي قاله هو الأكثر ، إلا أنها قد جاءت في موضع لا تختصّ به النكرة ؛ قال : [الكامل]
__________________
(١) البيت لسويد بن أبي كاهل. ينظر خزانة الأدب : ٦ / ٢٣ ، ٢٥٢ ، والدرر : ١ / ٣٠٢ ، والأغاني : ١٣ / ٩٨ ، وشرح اختيارات المفضل : ص ٩٠١ ، وشرح شواهد المغني : ٢ / ٧٤٠ ، والشعر والشعراء : ١ / ٤٢٨ ، الأشموني : ٢ / ٧٠ ، وشرح شذور الذهب : ص ١٧٠ ، وشرح المفصل : ٤ / ١١ ، ومغني اللبيب : ١ / ٣٢٨ ، الأمالي الشجرية : ٢ / ١٦٩ ، معاني القرآن : ١٩٨ ، الهمع : ١ / ٩٢ ، ٢ / ٢٦ ، الدر : ١ / ١١٠.