ف «تؤخذ» بدل اشتمال من «تبايع» ، وكذا «تلمم» بدل من «تأتنا». وعلى هذين القولين ، فلا محلّ لهذه الجملة من الإعراب.
والجمل التي لا محلّ لها من الإعراب أربع لا تزيد على ذلك ـ وإن توهّم بعضهم ذلك ـ وهي : المبتدأ والصّلة والمعترضة والمفسّرة ، وسيأتي تفسيرها في مواضعها (١).
ويحتمل أن تكون هذه الجملة حالا من الضّمير المستكن في [«يقول» تقديره : ومن الناس من يقول حال كونهم مخادعين.
وأجاز أبو البقاء أن يكون حالا من الضمير المستكن](٢) في «بمؤمنين» ، والعامل فيها اسم الفاعل.
وقد ردّ عليه بعضهم بما معناه : أن هذه الآية الكريمة نظير : «ما زيد أقبل ضاحكا» ، قال : وللعرب في مثل هذا التركيب طريقان :
أحدهما : نفي القيد وحده ، وإثبات أصل الفعل ، وهذا هو الأكثر ، والمعنى : أن الإقبال ثابت ، والضحك منتف ، وهذا المعنى لا يتصوّر إرادته في الآية ، أعني : نفي الخداع ، وثبوت الإيمان.
__________________
(١) الأولى : الابتدائية ، وتسمى أيضا : المستأنفة ؛ كالجمل المفتتح بها السورد والجملة المنقطعة عما قبلها ، نحو : مات فلان ـ رحمهالله ـ.
الثانية : المعترضة بين شيئين ؛ لإفادة الكلام تقوية وتحسينا ؛ كقوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ)[البقرة : ٢٤] ، وقال : (فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَ)[ص : ٨٤] ، (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ)[الواقعة : ٧٥] ، (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ)[النحل : ١٠١].
الثالثة : التفسيرية ؛ وهي الفضلة الكاشفة لحقيقة ما تليه ، نحو : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ)[الأنبياء : ٢١] ، فجملة الاستفهام مفسرة للنجوى ، (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)[آل عمران : ٥٩] ، فخلقه وما بعده تفسير لمثل آدم ، (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ)[الصف : ١٠] ، فجملة «تؤمنون» تفسير ل «تجارة».
الرابعة : المجاب بها القسم ، نحو : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)[يس : ١ ـ ٣].
الخامسة : الواقعة جوابا لشرط غير جازم مطلقا ، نحو : جواب لو ولو لا ولما وكيف ، أو جازم ولم يقترن بالفاء ولا بإذا الفجائية ، نحو : إن تقم أقم ، وإن قمت قمت ، أما الأول : فلظهور الجزم في لفظ الفعل ، وأما الثاني : فلأن المحكوم لموضعه بالجزم الفعل لا الجملة بأسرها.
السادسة : الواقعة صلة لاسم أو حرف ، نحو : جاء الذي قام أبوه ، وأعجبني أن قمت ، فالذي في موضع رفع والصلة لا محل لها ، ومجموع «أن قمت» في موضع رفع ، لا «أن» وحدها ؛ لأن الحرف لا إعراب له لفظا ولا محلّا ، ولا «قمت» وحدها.
السابعة : التابعة لما لا محل له ، نحو : قام زيد ولم يقم عمرو ، إذا قدرت الواو عاطفة.
ينظر الأشباه والنظائر : ٢ / ٢١ ـ ٢٣.
(٢) سقط في أ.