فقال عمر : إنه من أعلمكم ، فدعاهم ذات يوم فأدخلني معهم ، فما رأيت أنه دعاني فيهم إلا ليريهم ، فقال ما تقولون في قوله تعالى : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ)؟
فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذ نصرنا وفتح علينا ، وسكت بعضهم ولم يقل شيئا ، فقال لي : أكذلك تقول يا ابن عباس؟
فقلت : لا. فقال : ما تقول؟
قلت : هو أجل رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، أعلمه الله ، قال : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) فذلك علامة أجلك (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) فقال عمر : لا أعلم منها إلا ما تقول».
ـ وقال ابن عباس (١) :
«وكنت لا أدري «ما فاطر السموات والأرض» ، حتى أتاني أعرابيان يتخاصمان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فطرتها. يقول : أنا ابتدأتها».
أشهر مفسّري القرآن من الصّحابة
عد السيوطي عددا من مفسري القرآن من الصحابة ذكر منهم :
الخلفاء الأربعة ، وابن عباس ، وابن مسعود ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأبا موسى الأشعري ، وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم.
أما الخلفاء الثلاثة الأول فالرواية عنهم في التفسير قليلة جدا ، وذلك بسبب تقدم وفاتهم ، ولا نشغالهم بمهامّ الخلافة (٢).
١ ـ علي بن أبي طالب :
وأما علي ـ كرم الله وجهه ـ فهو أكثرهم تفسيرا للقرآن ، وذلك لأنه لم يشغل بالخلافة ، وإنما كان متفرغا للعلم حتى نهاية عصر عثمان ...
وكثرة مرافقته للرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وسكناه معه ، وزواجه من ابنته فاطمة إلى جانب ما حباه الله من الفطرة السليمة ... كل ذلك أورثه العلم الغزير. حتى قالت عائشة رضي الله عنها(٣) :
«أما إنه لأعلم الناس بالسنة» في زمن كان الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ متوافرين.
وروى معمر عن وهب بن عبد الله عن أبي الطفيل قال :
«شهدت عليا يخطب وهو يقول : سلوني ، فو الله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم
__________________
(١) الإتقان ٢ / ١١٣.
(٢) الإسرائيليات والموضوعات في التفسير ٨٤ ، والتفسير والمفسرون للذهبي ١ / ٦٤ ، ٦٥.
(٣) الاستيعاب ٣ / ١١٠٤ ، أسد الغابة ٤ / ٢٩.