والشّعور : إدراك الشيء من وجه يدقّ ، وهو مشتقّ من الشّعر لدقّته.
وقيل : هو الإدراك بالحاسّة مشتقّ من الشّعار ، وهو ثوب يلي الجسد ، ومنه مشاعر الإنسان أي : حواسّه الخمسة التي يشعر بها.
فصل في حد الخديعة
اعلم أن الخديعة مذمومة.
قال ابن الخطيب : «وحدّها هي إظهار ما يوهم السّلامة والسّداد ، وإبطال ما يقتضي الإضرار بالغير ، أو التخلّص منه ، فهو بمنزلة النّفاق في الكفر والرّياء في الأفعال الحسنة ، وكل ذلك بخلاف ما يقتضيه الدين ؛ لأن الدين يوجب الاستقامة والعدول عن الغرور والإساءة ، كما يوجب المخالصة في العبادة».
فصل في امتناع مخادعة الله تعالى
مخادعة الله ـ تعالى ـ ممتنعة من وجهين :
أحدهما : أنه يعلم الضّمائر والسرائر ، فلا يصح أن يخادع.
والثاني : أن المنافقين لم يعتقدوا أن الله بعث الرسول إليهم ، فلم يكن قصدهم في نفاقهم مخادعة الله ، فثبت أنه لا يمكن إجراء هذا اللفظ على ظاهره ، فلا بدّ من التأويل ، وهو من وجهين :
الأول : أنه ـ تعالى ـ ذكر نفسه ، وأراد به الرسول على عادته في تفخيم أمره ، وتعظيم شأنه.
قال : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) [الفتح : ١٠].
والمنافقون لما خادعوا [الله ورسوله](١) قيل : إنهم خادعوا الله.
الثاني : أن يقال : صورة حالهم مع الله حيث يظهرون الإيمان وهم كافرون صورة من يخادع ، وصورة صنع الله معهم حيث أمر بإجراء أحكام المسلمين عليهم وهم عنده من الكفرة صورة صنع الخادع ، وكذلك صورة صنع المؤمنين معهم حيث امتثلوا أمر الله فيهم ، فأجروا أحكامه عليهم.
فصل في بيان الغرض من الخداع في الآية
الغرض من ذلك الخداع وجوه :
الأول : أنهم ظنوا أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ وأصحابه يجرونهم في التّعظيم
__________________
(١) في أ : الرسول.