فقوله : «فنضارب» مجزوم لعطفه على محل قوله «كان وصلها».
وقال الفرزدق : [الطويل]
١٩٦ ـ فقام أبو ليلى إليه ابن ظالم |
|
وكان إذا ما يسلل السّيف يضرب (١) |
وقد تكون للزمن الماضي ك : «إذ» كما قد تكون «إذ» للمستقبل ك «إذا».
فمن مجيء «إذا» ظرفا لما مضى من الزمان واقعة موقع «إذ» قوله تعالى : (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ) [التوبة : ٩٢] ، وقوله : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها) [الجمعة : ١١] ، قال به ابن مالك ، وبعض النحويين.
ومن مجيء «إذ» ظرفا لما يستقبل من الزمان قوله تعالى : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) [غافر : ٧٠].
وتكون للمفاجأة أيضا ، وهل هي حينئذ باقية على زمانيتها ، أو صارت ظرف مكان أو حرفا؟
ثلاثة أقوال : أصحّها الأول استصحابا للحال ، وهل تتصرف أم لا؟
الظاهر عدم تصرفها ، واستدلّ من زعم تصرفها بقوله تعالى في قراءة (٢) من قرأ : «إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة إذا رجّت الأرض رجّا» [الواقعة : ١ ـ ٤] بنصب «خافضة رافعة» ، فجعل «إذا» الأولى مبتدأ ، والثانية خبرها.
والتقدير : وقت وقوع الواقعة وقت رجّ الأرض ، وبقوله : (حَتَّى إِذا جاؤُها) [الزمر : ٧١] ، و (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ) [يونس : ٢٢] فجعل «حتى» حرف جر ، و «إذا» مجرورة بها ، وسيأتي تحقيق ذلك في مواضعه. ولا تضاف إلّا إلى الجمل الفعلية خلافا للأخفش.
وقوله : «قيل» فعل ماض مبني للمفعول ، وأصله : «قول» ك : «ضرب» ، فاستثقلت الكسرة على «الواو» ، فنقلت إلى «القاف» بعد سلب حركتها ، فسكنت «الواو» بعد كسرة ، فقلبت «ياء» ، وهذه أفصح اللغات ، وفيه لغة ثانية ، وهي الإشمام ، والإشمام عبارة عن جعل الضّمة بين الضم والكسر.
ولغة ثالثة وهي : إخلاص الضم ، نحو : «قول وبوع» ، قال الشاعر : [الرجز]
١٩٧ ـ ليت وهل ينفع شيئا ليت |
|
ليت شبابا بوع فاشتريت (٣) |
__________________
(١) ينظر ديوانه : ١ / ٤١ ، ابن يعيش : ٨ / ٢٣٤ ، خزانة الأدب : ٣ / ١٨٥ ، الدر : ١ / ١١٨.
(٢) ستأتي في سورة الواقعة (٣).
(٣) البيت لرؤبة. ينظر ملحقات ديوانه : (١ / ٢٠٦) ، شرح المفصل : (٧ / ٧٠) ، الهمع : (١ / ٢٤٨) ، الدرر : (١ / ٢٠٦) ، مغني اللبيب : (٢ / ٣٩٣) ، والتصريح : (١ / ٢٩٤) ، شرح الكافية الشافية : (٢ / ٨١٩) ، وشرح ابن عقيل : (٢ / ١١٥) ، وشرح الألفية لابن الناظم : (٢٣٣) ، وشرح الأشموني : (٢ / ٦٣) ، وشرح شواهد المغني : (٢ / ٨١٩) ، والدر المصون : (١ / ١١٨).