فعلا واحدا ، و «تفسدوا» مجزوم بها ، وعلامة جزمه حذف النون ؛ لأنه من الأمثلة الخمسة.
و «في الأرض» متعلّق به ، والقائم مقام الفاعل هو الجملة من قوله : «لا تفسدوا» لأنه هو القول في المعنى ، واختاره الزمخشري.
والتقدير : وإذا قيل لهم هذا الكلام ، أو هذا اللّفظ ، فهو من باب الإسناد اللّفظي.
وقيل : القائم مقام الفاعل مضمر ، تقديره : وإذا قيل لهم هو ، ويفسّر هذا المضمر سياق الكلام كما فسّره في قوله : (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) [ص : ٣٢].
والمعنى : «وإذا قيل لهم قول سديد» فأضمر هذا القول الموصوف ، وجاءت الجملة بعده مفسّرة ، فلا موضع لها من الإعراب ، فإذا أمكن الإسناد المعنوي لم يعدل إلى اللّفظيّ ، وقد أمكن ذلك بما تقدّم. وهذا القول سبقه إليه أبو البقاء ، فإنه قال : «والمفعول القائم مقام الفاعل مصدر ، وهو القول ، وأضمر ؛ لأن الجملة بعده تفسّره ، ولا يجزز أن يكون «لا تفسدوا» قائما مقام الفاعل ؛ لأن الجملة لا تكون فاعلا ، فلا تقوم مقام الفاعل».
وقد تقدم جواب ذلك من أن المعنى : وإذا قيل لهم هذا اللفظ ، ولا يجوز أن يكون «لهم» قائم مقام الفاعل إلّا في رأي الكوفيين والأخفش ، إذ يجوز عندهم إقامة غير المفعول به مع وجوده.
وتلخصّ من هذا :
أنّ جملة قوله : «لا تفسدوا» في محلّ رفع على قول الزّمخشري ، ولا محلّ لها على قول أبي البقاء ومن تبعه ، والجملة من قوله : «قيل» وما في حيّزه في محل خفض بإضافة الظرف إليه.
والعامل في «إذا» جوابها ، وهو «قالوا» ، والتقدير : قالوا : إنما نحن مصلحون ، وقت قول القائم لهم : لا تفسدوا.
وقال بعضهم : الذي نختاره أن الجملة الّتي بعدها وتليها ناصبة لها ، وأنّ ما بعده ليس في محلّ خفض بالإضافة ؛ لأنها أداة شرط ، فحكمها حكم الظروف التي يجازى بها ، فكما أنك إذا قلت : «متى تقم أقم» كان «متى» منصوبا بفعل الشرط ، فكذلك إذا قال هذا القائل.
والذي يفسد مذهب الجمهور جواز قولك : «إذا قمت فعمرو قائم» ووقوع «إذا» الفجائية جوابا لها ، وما بعد «الفاء».
و «إذا» الفجائية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها ، وهو اعتراض ظاهر.
وقوله : (إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) «إنّ» حرف مكفوف ب «ما» الزائدة عن العمل ،