ولذلك تليها الجملة مطلقا ، وهي تفيد الحصر عند بعضهم.
وأبعد من زعم أنّ «إنما» مركبة من «إنّ» التي للإثبات ، و «ما» التي للنفي ، وأنّ بالتركيب حدث معنى يفيد الحصر.
واعلم أن «إن» وأخواتها إذا وليتها «ما» الزائدة بطل عملها ، وذهب اختصاصها بالأسماء كما مرّ ، إلا «ليت» فإنه يجوز فيها الوجهان سماعا ، وأنشدوا قول النابعة : [البسيط]
٢٠٠ ـ قالت : ألا ليتما هذا الحمام لنا |
|
إلى حمامتنا ونصفه ، فقد (١) |
برفع «الحمام» ونصبه ، فأما إعمالها فلبقاء اختصاصها ، وأمّا إهمالها فلحملها على أخواتها ، على أنه قد روي عن سيبويه في البيت أنها معملة على رواية الرفع أيضا ، بأن تجعل «ما» موصولة بمعنى «الذي» ، كالتي في قوله تعالى : (إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ) [طه : ٦٩] و «هذا» خبر مبتدأ محذوف هو العائد ، و «الحمام» نعت لهذا ، و «لنا» خبر ل «ليت» ، وحذف العائد وإن لم تطل الصلة.
والتقدير : ألا ليت الذي هو [هذا](٢) الحمام كائن لنا ، وهذا أولى من أن يدعي إهمالها ، لأن المقتضى للإعمال ـ وهو الاختصاص ـ باق.
وزعم بعضهم أنّ «ما» الزائدة إذا اتّصلت ب «إنّ» وأخواتها جاز الإعمال في الجميع.
و «نحن» مبتدأ ، وهو ضمير مرفوع منفصل للمتكلم ، ومن معه أو المعظّم نفسه ، و «مصلحون» خبره ، والجملة في محل نصب ، لأنها محكية ب «قالوا».
والجملة الشرطية وهي قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) عطف على صلة «من» ، وهي «يقول» ، أي : ومن النّاس من يقول ، ومن النّاس من إذا قيل لهم : لا تفسدوا في الأرض قالوا. وقيل : يجوز أن تكون مستأنفة ، وعلى هذين القولين ، فلا محلّ لها من الإعراب
__________________
(١) ينظر ديوانه : ١٦ ، المقرب : ١ / ١١٠ ، الخصائص : ١٢ / ٤٦٠ ، الخزانة : ٤ / ٢٩٧ ، المغني : ٧٥ ، الدرر : ١ / ٢٢١ ، الكتاب : ٢ / ١٣٧ ، الأمالي الشجرية : ٢ / ١٤٢ ، ٢٤١ ، الإنصاف : ١ / ٤٧٩ ، ابن يعيش : ٨ / ٥٤ ، الأزهية : ١١٤ ، شذور الذهب : ٣٤٣ ، قطر الندى : ٢١٠ ، شرح الألفية لابن الناظم : ١٧٤ ، شرح الكافية الشافية : ١ / ٤٨٠ ، شرح جمل الزجاجي لابن عصفور : ١ / ٢٥١ ، ٦٢٢ ، ٢ / ١٣ ، التصريح : ١ / ٢٢٥ ، الهمع : ١ / ٦٥ ، ١٤٣ ، شرح الأشموني : ١ / ٢٨٤ ، مجاز القرآن : ١ / ٣٥ ، ٢ / ٥٨ ، الدر : ١ / ١٢٠ ، والأغاني : ١١ / ٣١ ، والإنصاف : ٢ / ٤٧٩ ، وتخليص الشواهد : ص ٣٦٢ ، وتذكرة النحاة : ص ٣٥٣ ، ورصف المباني : ص ٢٩٩ ، ٣١٦ ، ٣١٨ ، وشرح شواهد المغني : ١ / ٧٥ ، ٢٠٠ ، ٢ / ٦٩٠ ، واللمع : ص ٣٢٠ ، ومغني اللبيب : ١ / ٦٣ ، ٢٨٦ ، ٣٠٨ ، والمقاصد النحوية : ٢ / ٢٤٥ ، وأوضح المسالك : ١ / ٣٤٩ ، وشرح قطر الندى : ص ١٥١ ولسان العرب (قدد).
(٢) سقط في أ.