تطهر البدن ، والإضاءة فرط الإنارة ، ويؤيده قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) [يونس : ٥].
وما حول الشيء فهو الذي يتّصل به تقول : دار حوله وحواليه.
والحول : السّنة ؛ لأنها تحول ، وحال عن العهد أي : تغير ، ومنه حال لونه.
والحوالة : انقلاب الحقّ من شخص إلى شخص ، والمحاولة : طلب الفعل بعد أن لم يكن طالبا له ، والحول : انقلاب العين ، والحول : الانقلاب قال تعالى : (لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) [الكهف : ١٠٨].
والظّلمة : عدم النّور عما من شأنه أن يستنير ، والظّلم في الأصل عبارة عن النّقصان قال تعالى : (آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً) [الكهف : ٣٣] أي : لم تنقص.
والظّلم : الثلج ، لأنه ينقص سريعا. والظّلم : ماء آسن وطلاوته وبياضه تشبيها له بالثلج.
قوله تعالى : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ)(١٨)
الجمهور على رفعها على أنّها خبر مبتدأ محذوف ، هم صم بكم ، ويجيء فيه الخلاف المشهور في تعدّد الخبر ، فمن أجاز ذلك حمل الآية عليه من غير تأويل ، ومن منع ذلك قال : هذه الأخبار ، وإن تعدّدت لفظا ، فهي متحدة معنى ؛ لأن المعنى : هم غير قائلين للحق بسبب عماهم وصممهم ، فيكون من باب : «هذا حلو حامض» أي : مزّ ، وهذا أعسر أيسر أي : أضبط ، وقول الشاعر : [الطويل]
٢٣٧ ـ ينام بإحدى مقلتيه ويتّقي |
|
بأخرى الأعادي ، فهو يقظان هاجع (١) |
أي : متحرّز.
أو يقدر لكل خبر مبتدأ تقديره : هم صمّ ، هم بكم ، هم عمي.
والمعنى : أنهم جامعون لهذه الأوصاف الثلاثة ، ولو لا ذلك لجاز أن تكون هذه الآية من باب ما تعدّد فيه الخبر لتعدّد المبتدأ ، كقولك : الزيدون فقهاء شعراء كاتبون ، فإنه يحتمل أن يكون المعنى أن بعضهم فقهاء ، وبعضهم شعراء ، وبعضهم كاتبون ، وأنهم ليسوا جامعين لهذه الأوصاف الثلاثة ، بل بعضهم اختصّ بالفقه ، والبعض الآخر اختصّ بالشعر ، والآخر بالكتابة.
وقرأ بعضهم (٢) «صمّا بكما عميا» بالنصب ، وفيه ثلاثة أوجه :
__________________
(١) البيت لحميد بن ثور ينظر ديوانه : ص ١٠٥ ، وأمالي المرتضى : ٢ / ٢١٣ ، وخزانة الأدب : ٤ / ٢٩٢ ، والشعر والشعراء : ١ / ٣٩٨ ، والمقاصد النحوية : ٢ / ٥٦٢ ، تخليص الشواهد : ص ٢١٤ ، وشرح الأشموني : ١ / ١٠٦ ، وشرح ابن عقيل : ص ١٣٢ ، الدر المصون : ١ / ١٣٤.
(٢) وهي قراءة عبد الله بن مسعود وحفصة أم المؤمنين.
انظر المحرر الوجيز : ١ / ١٠١ ، والبحر المحيط : ١ / ٢١٧ ، والقرطبي : ١ / ١٤٩.