وقيل : الرعد صوت انحراق الريح بين السحاب. فإن قيل : لم جمع «الظّلمات» ، وأفرد «الرعد والبرق»؟
فالجواب : أن في «ظلمات» اجتمع أنواع من الظّلمة ، وهي ظلمة الليل ، وظلمة السحاب ، وظلمة تكاثف المطر ، وأما الرعد والبرق فكلّ واحد منهما نوع واحد.
ونكرت ؛ لأن المراد أنواع منها ، كأنه قيل : فيه ظلمات داجية ، ورعد قاصف ، وبرق خاطف.
(يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ) ، وهذه الجملة الظاهر أنها لا محلّ لها لاستئنافها كأنه قيل : ما حالهم؟ فقيل : يجعلون.
وقيل : بل لها محلّ ، ثم اختلف فيه فقيل : جرّ ؛ لأنها صفة للمجرور ، أي : أصحاب صيب جاعلين ، والضمير محذوف.
أو نابت الألف واللام منابه ، تقديره : يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق منه أو من صواعقه.
وقيل : محلّها نصب على الحال من الضمير في «فيه».
والكلام في العائد كما تقدّم ، والجعل ـ هنا ـ بمعنى الإلقاء ، ويكون بمعنى الخلق ، فيتعدّى لواحد ، ويكون بمعنى «صيّر» أو «سمى» ، فيتعدى لاثنين ، ويكون للشروع ، فيعمل عمل «عسى».
و «أصابعهم» جمع إصبع ، وفيها عشر لغات : بتثليث الهمزة مع تثليث الباء ، والعاشرة «أصبوع» بضم الهمزة.
والواو في «يجعلون» تعود للمضاف المحذوف ، كما تقدم إيضاحه.
واعلم أنه إذا حذف المضاف جاز فيه اعتباران :
أحدهما : أن يلتفت إليه.
والثاني : ألا يلتفت إليه ، وقد جمع الأمران في قوله تعالى : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ) [الأعراف : ٤] ، والتقدير : وكم من أهل قرية فلم يراعه في قوله : (أَهْلَكْناها فَجاءَها) ، ورعاه في قوله تعالى : (أَوْ هُمْ قائِلُونَ) وذكر الأصابع ، وإن كان المجعول إنما هو رؤوس الأصابع تسمية للبعض باسم الكلّ كما في قوله تعالى : (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) [المائدة : ٣٨] ، و (فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ) كلاهما متعلّق بالجعل ، و «من» معناها التعليل.
و «الصّواعق» : جمع صاعقة ، وهي الضّجّة الشديدة من صوت الرعد تكون معها القطعة من النار.
ويقال : «ساعقة» بالسّين ، و «صاعقة» ، و «صاقعة» بتقديم القاف ؛ وأنشد : [الطويل]