الثاني : أنه منصوب على المصدر وعامله محذوف تقديره يحذرون حذرا مثل حذر الموت. و «الحذر» و «الحذار» مصدران ل «حذر» أي : خاف خوفا شديدا.
واعلم أن المفعول من أجله بالنسبة إلى نصبه وجره بالحرف على ثلاثة أقسام :
قسم يكثر نصبه ، وهو ما كان غير معرف ب «أل» ولا مضاف نحو : «جئت إكراما لك».
وقسم عكسه ، وهو ما كان معرّفا ب «أل» ؛ ومن مجيئه منصوبا قول الشاعر : [الرجز]
٢٥٢ ـ لا أقعد الجبن عن الهيجاء |
|
ولو توالت زمر الأعداء (١) |
وقسم يستوي فيه الأمران ، وهو المضاف كالآية الكريمة ، ويكون معرفة ونكرة ، وقد جمع حاتم الطائي الأمرين في قوله : [الطويل]
٢٥٣ ـ وأغفر عوراء الكريم ادّخاره |
|
وأعرض عن شتم اللّئيم تكرّما (٢) |
و «حذر الموت» مصدر مضاف إلى المفعول ، وفاعله محذوف ، وهو أحد المواضع التي يجوز فيها حذف الفاعل وحده.
والثاني : فعل ما لم يسم فاعله.
والثالث : فاعل «أفعل» في التعجّب على الصحيح ، وما عدا هذه لا يجوز فيه حذف الفاعل وحده خلافا للكوفيين.
والموت : ضد الحياة ؛ يقال : مات يموت ويمات ؛ قال الشاعر : [الرجز]
٢٥٤ ـ بنيّتي سيّدة البنات |
|
عيشي ولا يؤمن أن تماتي (٣) |
وعلى هذه اللّغة قريء «متنا» و «متّ» ـ بكسر الميم ـ ك «خفنا» و «خفت» ، فوزن «مات» على اللغة الأولى : «فعل» بفتح العين ، وعلى الثانية : «فعل» بكسرها ، و «الموات» : بالضمّ الموت أيضا ، وبالفتح : ما لا روح فيه ، والموتان بالتحريك ضد
__________________
(١) ينظر الهمع : (١ / ١٩٥) ، الأشموني : (٢ / ١٢٥) ، والعيني : (٣ / ٦٩) ، الدرر : (١ / ١٦٧) ، شرح الكافية الشافية : (٢ / ٦٧٢) وشرح ابن عقيل : (٢ / ١٨٧) وشرح الألفية لابن الناظم : (٢٧٢) وشرح الألفية للمرادي : (٢ / ٨٨) والتصريح : (١ / ٣٣٦) ، الدر المصون : (١ / ١٣٨).
(٢) ينظر ديوانه : ص ٢٢٤ ، وخزانة الأدب : ٣ / ١٢٢ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، وشرح أبيات سيبويه : ١ / ٤٥ ، وشرح شواهد المغني : ٢ / ٩٥٢ ، الكتاب : ١ / ٣٦٨ ، وشرح المفصل : ٢ / ٥٤ ، واللمع : ص ١٤١ ، والمقاصد النحوية : ٣ / ٧٥ ، ونوادر أبي زيد : ص ١١٠ ، أسرار العربية : ص ١٨٧ ، وخزانة الأدب : ٣ / ١١٥ ، ولسان العرب (عوز) ، (خصص) ، والعيني : (٣ / ٧٥) ، والأشموني : (٢ / ١٨٩) ، والكشاف : (١ / ٨٥) ، وروح المعاني : (١ / ١٧٤) ، والدر المصون : (١ / ١٣٨).
(٣) ينظر البيت في اللسان (موت) ، القرطبي : (١ / ١٥٣) ، والدر المصون : (١ / ١٣٩).