أولا : الحالة السياسية : بمختلف أحداثها واضطراباتها.
ثانيا : الحالة الاجتماعية : بشتى نواحيها.
ثالثا : الحالة الاقتصادية : واضطراباتها.
رابعا : الحالة الثقافية : وتعدد مظاهرها.
أولا : الحالة السياسية في عصر المماليك البرجية
توفي المنصور قلاوون (١) ليخلفه ابنه الأشرف خليل ، فأتم هذا بناء القوة المملوكية التي أقام دعائمها ، وأسس أساسها المنصور ، حتى إنه اشترى في حكمه القصير ما يقرب من ألفي مملوك جركسي (٢).
ومن هنا أصبح المماليك البرجية على درجة عالية من وفرة العدد وحسن التدريب وشدة التماسك ، مما جعلهم ينظرون إلى كرسي السلطة.
ولقد كان من المتعذر على السلاطين المماليك أن يحتفظوا بالمماليك البرجية بعيدين عن الأحداث ، لذا فقد سمح لهم السلطان خليل بن قلاوون (٣) ـ ولأول مرة ـ بمغادرة أبراجهم وطباقهم العالية ، والنزول إلى القاهرة ومصر ، ولكن بشرط أن يعودوا قبل الليل ليبيتوا بالقلعة.
ولقد ترتب على ذلك انغماس المماليك البرجية في الحياة العامة ومشاكلها. ومن ثم فقد أثاروا على أنفسهم حقد بقية الطوائف من المماليك الأتراك ، وذلك بسبب ما أصبح فيه المماليك البرجية من نعمة ورغد ، وما حظوا به عند المنصور قلاوون.
وقد جاء نتيجة ذلك دخول المماليك البرجية في حلبة الصراع الدائر في ذلك العصر.
وهكذا فقد استأسد الحمل ، واستنسر البغاث ، فرأينا المماليك البرجية ـ الذين جيء بهم في مبدأ الأمر لحماية وتوطيد حكم المنصور قلاوون وأبنائه ـ يقومون بعدد كبير من الثورات حتى ينتهي بهم الأمر إلى التربع على عرش السلطة ، وأنا أورد هذه الثورات مرتبة حسب قيامهم بها :
١ ـ ثورتهم بالقلعة لمقتل أستاذهم وابن أستاذهم الأشرف خليل ، ولم تهدأ ثورتهم إلا بعد أن أعلن الناصر محمد بن قلاوون سلطانا ، وذلك في سنة ٦٩٣ ه (٤).
__________________
(١) انظر ترجمته في : ابن دقماق : الجوهر الثمين ٢ / ٩٢ ، والمقريزي : الخطط ٢ / ٢٣٨ ، والسلوك ١ / ٦٦٣. وعبد الباسط الحنفي : نزهة الأساطين ص ٧٩.
(٢) ينظر : د. سعيد عاشور : العصر المماليكي في مصر والشام ص ١٤٣.
(٣) انظر ترجمته في : ابن الفرات : التاريخ ٨ / ٩٨ ، وابن إياس : بدائع الزهور ١ / ٣٦٥ ، وابن دقماق : الجوهر الثمين ٢ / ١٠٥ ، والمقريزي : الخطط ٢ / ٢٣٨ ، وابن تغري بردي : النجوم الزاهرة ٨ / ٣.
(٤) ينظر : ابن تغري بردي : النجوم الزاهرة ٨ / ١٩ ـ ٢٠ ، والذهبي : العبر ٥ / ٣٨٠ ، وابن إياس : بدائع الزهور ١ / ٣٧٨ ، وابن الفرات في التاريخ ٨ / ١٧٢ ، وعبد الباسط الحنفي : نزهة الأساطين ص ٨٥.