على اسم القمر ، ثم كان لقبائل العرب أوثان معروفة مثل : ود ب «دومة الجندل» لكلب ، و «سواع» لبني هذيل ، و «يغوث» ب «اليمن» لمذحج ، و «يعوق» لمرادية همدان و «نسر» بأرض «حمير» لذي الكلاع ، و «اللات» ب «الطائف» ل «ثقيف» ، و «مناة» ب «يثرب» للخزرج ، و «العزّى» لكنانة بنواحي «مكّة» و «أساف» و «نائلة» على «الصفا» و «المروة».
وكان قصيّ جدّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ينهاهم عن عبادتها ، ويدعوهم إلى عبادة الله سبحانه وتعالى ، وكذلك زيد بن عمرو بن نفيل (١) ، وهو الذي يقول : [الوافر]
٢٨٦ ـ أربّ واحد أم ألف ربّ |
|
أدين إذا تقسّمت الأمور؟! |
تركت اللّات والعزّى جميعا |
|
كذلك يفعل الرّجل البصير (٢) |
قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ)(٢٤)
اعلم أنه سبحانه لما أقام الدلائل القاطعة على إثبات الصّانع ، وأبطل القول بالشريك عقبه بما يدلّ على (٣) النبوة ، ولما كانت نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم مبنية على كون القرآن معجزا أقام الدلالة على كونه معجزا. واعلم أن كونه معجزا يمكن بيانه من طريقين : الأول : ألا يخلو حاله من أحد وجوه ثلاثة : إما أن يكون مساويا لكلام الفصحاء ، أو زائدا على كلام الفصحاء بقدر لا ينقص (٤) العادة ، أو زائدا عليه بقدر ينقض العادة ، والقسمان الأولان باطلان فتعين الثالث.
وإنما قلنا : إنهما باطلان ؛ لأنه لو كان كذلك لوجب أن يأتوا [بمثل سورة منه](٥) إما مجتمعين ، أو منفردين ، فإذا (٦) وقع التّنازع ، فالشهود والحكام مزيلون الشبهة وذلك نهاية الاحتجاج ؛ لأنه كان من معرفة اللغة والاطلاع على قوانين الفصاحة في الغاية ، وكانوا في محبة إبطال أمره في الغاية حتى بذلوا النفوس والأموال ، وارتكبوا المهالك والمحن ، وكانوا في الحمية والأنفة على حد لا يقلبون الحق ، فكيف الباطل ، وكل ذلك
__________________
(١) زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى ، القرشي العدوي ، نصير المرأة في الجاهلية ، وأحد الحكماء. وهو ابن عم عمر بن الخطاب. لم يدرك الإسلام ، وكان يكره عبادة الأوثان ، كان عدوا لوأد البنات. توفي سنة ١٧ قبل الهجرة.
انظر الأغاني : ٣ / ١٥ ، خزانة البغدادي : ٣ / ٩٩ ، الأعلام : ٣ / ٦٠.
(٢) ينظر روح المعاني : ١ / ١٩١ ، الرازي : ١ / ١٠٥.
(٣) في أ : على أن.
(٤) في ب : ينتقص.
(٥) في أ : بسورة مثله.
(٦) في أ : فإن.