أيّ شيء أراد الله. قال ابن كيسان : وهو الجيد ومحل هذه الجملة النصب بالقول ، و «مثلا» نصب على التمييز ، قيل : وجاء على معنى التوكيد ؛ لأنه من حيث أشير إليه بهذا علم أنّه مثل ، فجاء التمييز بعده مؤكّدا للاسم الذي أشير إليه.
وقيل : نصب على الحال ، واختلف في صاحبها ، فقيل : اسم الإشارة ، والعامل فيها معنى الإشارة.
وقيل : اسم الله ـ تعالى ـ أي : متمثّلا بذلك.
وقيل : على القطع وهو رأي الكوفيين ، ومعناه عندهم : أنّه كان أصله أن يتبع ما قبله ، والأصل : بهذا المثل ، فلمّا قطع عن التّبعيّة انتصب ؛ وعلى ذلك قول امرىء القيس : [الطويل]
٣٣٤ ـ سوامق جبّار أثيث فروعه |
|
وعالين قنوانا من البسر أحمرا (١) |
أصله : من البسر الأحمر.
فصل في معنى الإرادة واشتقاقها
و «الإرادة» لغة طلب الشيء مع الميل إليه ، وقد تتجرّد للطلب ، وهي التي تنسب إلى الله ـ تعالى ـ وعينها واو من راد يرود ، أي : طلب ، فأصل «أراد» «أرود» مثل : أقام ، والمصدر الإرادة مثل الإقامة ، وأصلها : إرواد فأعلّت وعوّض من محذوفها تاء التأنيث.
فصل في ماهية الإرادة
و «الإرادة» ماهية يجدها العاقل من نفسه ، ويدرك بالتفرقة البديهية بينها وبين علمه (٢) وقدرته وألمه ولذّته ، وإذا كان كذلك لم يكن تصور ماهيتها محتاحا إلى التعريف.
وقال المتكلمون : إنها صفة تقتضي رجحان أحد طرفي الجائز على الآخر ، لا في الوقوع ، بل في الإيقاع ، واحترزنا بهذا القيد الأخير عن القدرة.
قوله : (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً) الياء فيه للسّببيّة ، وكذلك في «يهدي به» ، وهاتان الجملتان لا محلّ لهما ؛ لأنّهما كالبيان للجملتين المصدّرتين ب «أمّا» ، وهما من كلام الله تعالى. وقيل : في محلّ نصب ؛ لأنهما صفتان ل «مثلا» أي : مثلا يفرّق النّاس به إلى ضلّال ومهتدين ، وهما على هذا من كلام الكفّار.
__________________
(١) ينظر ديوانه : (٥٧) ، البحر المحيط : ٣ / ٤٥٩ ، وروي صدره هكذا فأتت أعاليه وآدت أصوله ، الدر المصون : (١ / ٣٦٧).
(٢) في ب : عمله.