كنت إذا سمعت عكرمة يحدث عن المغازي كأنه مشرف عليهم ينظر كيف يصفون ويقتتلون وهو من علماء زمانه بالفقه والقرآن.
أما التفسير فقد شهد له الأئمة بذلك. يقول الشعبي : ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة (١).
وقال حبيب بن أبي ثابت :
اجتمع عندي خمسة : طاوس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، وعطاء فأقبل مجاهد وسعيد بن جبير يلقيان على عكرمة التفسير ، فلم يسألاه عن آية إلا فسرها لهما ، فلما نفد ما عندهما جعل يقول :
أنزلت آية كذا في كذا ، وأنزلت آية كذا في كذا (٢).
نموذج من تفسير عكرمة : قال عكرمة في قوله تعالى (وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) أي بالشهوات (وَتَرَبَّصْتُمْ) بالتوبة (وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُ) أي التسويف (حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ) الموت (وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) الشيطان (٣).
وتوفي عكرمة رضي الله عنه بالمدينة سنة سبع ومائة للهجرة وقيل سنة أربعة ومائة (٤).
٤ ـ طاوس :
هو : طاوس بن كيسان الخولاني ، أبو عبد الرحمن.
أول طبقة أهل اليمن من التابعين ، وهو من أبناء الفرس الذين أرسلهم كسرى إلى اليمن(٥).
أدرك جماعة من الصحابة وروى عنهم ، وروايته عن ابن عباس أكثر ، وأخذه عنه في التفسير أكثر من غيره ، ولهذا عدّ من تلاميذ ابن عباس ، وجاء ذكره في مدرسته بمكة (٦).
روى عنه خلق من التابعين ، منهم : مجاهد ، وعطاء ، وعمرو بن دينار وغيرهم (٧).
شهد له ابن عباس بالورع والتقوى فقال : «إني لأظن طاوسا من أهل الجنة» (٨). وطاوس ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
كان طاوس ـ رضي الله عنه ـ جريئا في الحق ، لا يخشى فيه لومة لائم.
روى الزهري (٩) : أن سليمان رأى رجلا يطوف بالبيت ، له جمال وكمال ، فقال : من هذا يا زهري؟
__________________
(١) البداية والنهاية ٩ / ٢٥٥.
(٢) مقدمة فتح الباري ص ٤٥٠.
(٣) البداية والنهاية ٩ / ٢٥٩.
(٤) تهذيب التهذيب ٧ / ٢٦٣ ـ ٢٧٣ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٩٠ ، البداية والنهاية ٩ / ٢٥٣.
(٥) البداية والنهاية ٩ / ٢٤٤.
(٦) التفسير والمفسرون ١ / ١١٤.
(٧) البداية والنهاية ٩ / ٢٤٥.
(٨) تهذيب التهذيب ٥ / ٩.
(٩) البداية والنهاية ٩ / ٢٤٧.