فصل في أوجه ورود لفظ الموت
قال أبو العبّاس المقرىء : ورد لفظ «الموت» على خمسة أوجه :
الأول : بمعنى «النّطفة» كهذه الآية.
الثاني : بمعنى «الكفر» قال تعالى : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) [الأنعام : ١٢٢] ومثله : (وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ) [فاطر : ٢٢].
الثالث : بمعنى «الأرض التي لا نبات لها» ، قال تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها) [يس : ٣٣].
الرابع : بمعنى «الضّم» قال تعالى : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) [النحل : ٢٠ ، ٢١].
الخامس : بمعنى «مفارقة الروح الجسد».
فصل في أوجه ورود لفظ الحياة
الأول : بمعنى دخول الرّوح في الجسد كهذه الآية.
الثاني : بمعنى «الإسلام» قال تعالى (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) [الأنعام : ١٢٢] أي : هديناه إلى الإسلام.
الثالث : بمعنى «صفاء القلب» قال تعالى : (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) [الحديد : ١٧] أي يصفي القلوب بعد سواداها.
الرابع : بمعنى «الإنبات» قال تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها) أي : أنبتناها.
الخامس : بمعنى «حياة الأنفس» قال تعالى : (يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) [الفجر : ٢٤].
السادس : بمعنى «العيش» قال تعالى : (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) [النحل : ٩٧] أي: لنرزقنّه عيشا طيبا.
فصل في إثبات عذاب القبر
قال ابن الخطيب : احتج قوم بهذه الآية على بطلان عذاب القبر ، قالوا : لأنه ـ تعالى ـ بين أنه يحييهم مرّة في الدنيا ، وأخرى في الآخرة ، ولم يذكر حياة القبر ، ويؤيده قوله : (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ) [المؤمنون : ١٥ ، ١٦] ولم يذكر حياة فيما بين هاتين الحالتين ، قالوا : ولا يجوز الاستدلال بقوله تعالى : (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) [غافر : ١١] ؛ لأنه قول الكفار ، ولأنّ كثيرا من الناس أثبتوا حياة الذّر في صلب آدم حين استخرجهم وقال لهم : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) [الأعراف : ٣٢]