فقلت : هذا طاوس ، وقد أدرك عدة من الصحابة ، فأرسل إليه سليمان ، فأتاه ، فقال : لوما حدثتنا؟! فقال : حدثني أبو موسى قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ :
«إن أهون الخلق على الله عزوجل من ولي أمور المسلمين شيئا فلم يعدل فيهم». فتغير وجه سليمان ، فأطرق طويلا ثم رفع رأسه إليه فقال : لوما حدثتنا!!
فقال : حدثني رجل من أصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال ابن شهاب : ظننت أنه أراد عليا ـ قال :
دعاني رسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى طعام في مجلس من مجالس قريش ، ثم قال :
«إن لكم على قريش حقا ، ولهم على الناس حق ، ما إذا استرحموا رحموا ، وإذا حكموا عدلوا ، وإذا ائتمنوا أدوا ، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا».
قال : فتغير وجه سليمان ، وأطرق طويلا ثم رفع رأسه إليه وقال : لوما حدثتنا!! فقال : حدثني ابن عباس أن آخر آية نزلت من كتاب الله (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)(١).
علمه : بلغ طاوس من العلم مبلغا عظيما ، وكان واثقا من علمه هذا ...
أنكر عليه سعيد بن جبير قوله عن ابن عباس : إن الخلع طلاق ، فلقيه مرة فقال له : لقد قرأت القرآن قبل أن تولد ، ولقد سمعته وأنت إذ ذاك همك لقم الثريد».
وقال قيس بن سعد :
«كان طاوس فينا مثل ابن سيرين فيكم».
والتفسير المأثور عنه قليل جدا ، ومعظمه يرويه عن ابن عباس ، ولقلة التفسير المأثور عنه وطول باعه في الفقه قالوا عنه : إنه فقيه لا مفسر ، وعده علماء الفقه فقيها.
نموذج من تفسيره : قال في قوله تعالى : (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) الآية «هو الرجل يعطي العطية ويهدي الهدية ليثاب أفضل من ذلك ، ليس فيه أجر ولا وزر».
وقد توفي طاوس ـ رضي الله عنه ـ يوم السابع من ذي الحجة سنة ١٠٦ ه ، ووافته منيته وهو يحج بيت الله الحرام ، وصلى عليه هشام بن عبد الملك وهو خليفة.
٥ ـ عطاء بن أبي رباح :
هو : عطاء بن أبي رباح ، وأبو رباح هو : أسلم بن صفوان ، مولى آل أبي ميسرة بن أبي خثيم الفهري (٢).
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٢٨١.
(٢) طبقات ابن سعد ٥ / ٤٦٧ ، وفيات الأعيان ١ / ٣١٨ ، البداية والنهاية ٩ / ٣١٧ ، ٣١٨.