فصل في شرح كثرتهم
قال عليه الصلاة والسلام : «أطّت السّماء وحقّ لها أن تئطّ ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد ، أو راكع» (١).
[وروي أن بني آدم عشر الجن ، والجن وبنو آدم عشر حيوانات البرّ ، وهؤلاء كلهم عشر الطيور ، وهؤلاء كلهم عشر حيوانات البحر ، وهؤلاء كلّهم عشر ملائكة الأرض الموكّلين بها ، وكلّ هؤلاء عشر ملائكة سماء الدنيا ، وكل هؤلاء عشر ملائكة السّماء الثانية وعلى هذا الترتيب إلى ملائكة السّماء السّابعة ، ثم الكل في مقابلة ملائكة الكرسي نزر قليل ، ثم كل هؤلاء عشر ملائكة السّرادق الواحد من سرادقات العرش التي عددها ستمائة ألف ، طول كلّ سرادق وعرضه وسمكه إذا قوبلت به السّماوات والأرضون وما فيها وما بينها ، فإنها كلها تكون شيئا يسيرا وقدرا صغيرا ، وما من مقدار موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد ، أو راكع](٢) وقائم ، لهم زجل بالتسبيح والتّقديس ، ثم كلّ هؤلاء في مقابلة الملائكة الذين يحومون حول العرش كالقطرة في البحر ، ولا يعلم عددهم إلا الله تعالى ، ثم مع هؤلاء ملائكة اللّوح الذين هم أشياع إسرافيل عليهالسلام ، والملائكة الذين هم جنود جبريل عليهالسلام ، ولا يحصي أجناسهم ولا مدة أعمارهم ولا كيفية عبادتهم إلا الله تعالى ، على ما قال : (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) [المدثر : ٣١].
وروي في بعض كتب التّذكير أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ حين عرج به رأى ملائكة في موضع بمنزلة سوق بعضهم يمشي تجاه بعض ، فسأل رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى أين يذهبون؟ فقال جبريل عليهالسلام : لا أدري إلّا أنّي أراهم مذ خلقت ولا أرى واحدا منهم قد رأيته قبل ذلك ، ثم سأل واحدا منهم وقيل له : مذ كم خلقت؟ فقال : لا أدري غير أن الله ـ تعالى ـ يخلق كوكبا في كلّ أربعمائة ألف سنة ، فخلق مثل ذلك الكوكب منذ خلقني أربعمائة ألف مرة فسبحانه من إله ما أعظم قدرته وما أجلّ كماله.
فصل فيمن قيل له من الملائكة : «إني جاعل»
اختلفوا في الملائكة الّذين قال لهم : «إنّي جاعل لهم» كلّ الملائكة ، أو بعضهم؟ فروى الضّحّاك عن ابن عباس أنه سبحانه إنما قال هذا القول للملائكة الذين [كانوا محاربين] مع «إبليس» ؛ لأن الله ـ تعالى ـ لما أسكن الجنّ الأرض ، فأفسدوا فيها ،
__________________
(١) أخرجه الترمذي في السنن (٤ / ٤٨١ ـ ٤٨٢) كتاب الزهد (٣٧) باب (٩) قول النبي صلىاللهعليهوسلم لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا حديث رقم (٢٣١٢) وقال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب وابن ماجه في السنن ٢ / ١٤٠٢ كتاب الزهد (٣٧) باب الحزن والبكاء (١٩) حديث رقم ٤١٩٠ ـ وأحمد في المسند (٥ / ١٧٢ ، ١٧٣) وذكره المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير ١ / ٥٣٦.
(٢) سقط في أ.