وقال ابن عباس وغيره : عرض الأسماء (١).
فصل في بيان أول من تكلم بالعربية
اختلف في أوّل من تكلم بالعربية.
روى كعب الأحبار : أن أول من وضع الكتاب العربي والسّرياني والكتب كلها ، وتكلم بالألسنة كلها آدم عليه الصلاة والسلام. فإن قيل : روى ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن كعب قال : أوّل من تكلّم بالعربية جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ وهو الذي ألقاها على لسان نوح عليه الصلاة والسلام ، وألقاها نوح على لسان ابنه سام.
وقد روي أيضا : أن أوّل من تكلّم بالعربية يعرب بن قحطان ، وروي غير ذلك ، والجواب الصحيح أن أول من تكلّم باللغات كلها من البشر آدم عليه الصلاة والسلام ـ والقرآن يشهد له. الآية.
وقال صلىاللهعليهوسلم : «وعلم آدم الأسماء كلّها حتّى القصعة والقصيعة» (٢) وما ذكروه يحتمل أن يكون المراد به أول من تكلّم بالعربية من ولد إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ إسماعيل عليه الصلاة والسّلام ، وكذلك إن صحّ ما سواه فإنه يكون محمولا على أن المذكور أول من تكلّم من قبيلته بالعربية.
وكذلك جبريل أول من تكلم بها من الملائكة ، وألقاها على لسان نوح بعد أن علمها الله آدم أو جبريل ، على ما تقدم.
قوله : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ).
«الإنباء» الإخبار ، وأصل أنبأ أن يتعدّى لاثنين ثانيهما بحرف الجر كهذه الآية ، وقد يحذف حرف الجر ، قال تعالى : (مَنْ أَنْبَأَكَ هذا) [التحريم : ٣] أي : بهذا ، وقد يتضمّن معنى أعلم اليقينية ، فيتعدّى تعديتها إلى ثلاثة مفاعيل ، ومثل أنبأ : نبّأ وأخبر ، وخبر وحدث.
و «هؤلاء» في محل خفض بالإضافة ، وهو اسم إشارة ، ورتبته دنيا ، ويمدّ ويقصر ؛ كقوله : [الخفيف]
٣٦٩ ـ هؤلى ثمّ هؤلى كلّا اعطي |
|
ت نعالا محذوّة بمثال (٣) |
__________________
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ١٠١) عن ابن عباس ومجاهد.
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ١٠٠) عن ابن عباس وأخرجه الطبري في تفسيره (١ / ٤٨٣) عن ابن عباس.
(٣) البيت للأعشى في ديوانه : ٦١ ، شرح المفصل : ٣ / ١٣٧ ، المقتضب : ٤ / ٢٧٨ ، البحر المحيط : ١ / ٢٨٥ ، القرطبي : ١ / ١٩٦ ، والدر المصون : ١ / ١٨٢.