وفرق بعضهم بين «سجد» ، و «أسجد» ف «سجد» : وضع جبهته ، وأسجد : أمال رأسه وطأطأ ؛ قال الشاعر : [المتقارب]
٣٨٠ ـ فضول أزمّتها أسجدت |
|
سجود النّصارى لأخبارها (١) |
وقال آخر : [الطويل]
٣٨١ ـ وقلن له أسجد لليلى فأسجدا |
|
...........(٢) |
يعني : أن البعير طأطأ رأسه لأجلها.
ودراهم الأسجاد : دراهم عليها صور كانوا يسجدون لها ، قال : [الكامل]
٣٨٢ ـ ........... |
|
وافى بها كدراهم الأسجاد (٣) |
فصل في تعداد النعم العامة على بني آدم
اعلم أن هذا هو النعمة الرّابعة من النعم العامة على جميع البشر ، وهو أنه خصص آدم بالخلافة أولا ، ثم خصصه بالعلم ثانيا ، ثم بلوغه في العلم إلى أن صارت الملائكة عاجزين عن بلوغ درجته في العلم ، ثم ذكر الآن كونه مسجودا للملائكة.
فإن قيل : الأمر بالسجود حصل قبل أن يسوي الله ـ تعالى ـ خلقة آدم بدليل قوله : (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) [ص ٧١ ـ ٧٢] ، فظاهر هذه الآية يدلّ على أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما صار حيّا صار مسجود الملائكة ؛ لأن «الفاء» في قوله : «فقعوا» للتعقيب ، وعلى هذا التقدير يكون تعليم الأسماء ، ومناظرته مع الملائكة في ذلك الوقت حصل بعد أن صار مسجود الملائكة.
فالجواب : أجمع المسلمون على أن ذلك السّجود ليس سجود عبادة ، ثم اختلفوا على ثلاثة أقوال :
الأول : أن ذلك السجود كان لله ـ تعالى ـ وآدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان كالقبلة ، وطعنوا في هذا القول من وجهين :
الأول : أنه لا يقال : صلّيت للقبلة ، بل يقال : صليت إلى القبلة ، فلو كان ـ عليه الصّلاة والسلام ـ قبلة لقيل : اسجدوا إلى آدم.
__________________
(١) تقدم برقم (٣٧٩).
(٢) هذا صدر بيت قاله أعرابي من بني أسد. ينظر الصحاح : (٢ / ٤٨٤) ، القرطبي : (١ / ٢٠٠) ، اللسان «سجد» ، الدر المصون : (١ / ١٨٧).
(٣) عجز بيت للأسود بن يعفر وصدره :
من خمر ذي نطق أغن منطق
ينظر الصحاح : (٢ / ٤٨٤) ، القاموس المحيط : (١ / ٣١٠) ، اللسان «سجد» ، القرطبي : (١ / ٢٠٠) ، الدر المصون : (١ / ١٨٧).