فصل في وقت خلق حواء
اختلفوا في الوقت الذي خلقت زوجته فيه ، فذكر «السّدي» عن ابن مسعود ، وابن عباس ، وناس من الصّحابة رضي الله عنهم : أن الله ـ تعالى ـ لما أخرج «إبليس» من الجنة ، وأسكن آدم بقي فيها وحده ما كان معه من يستأنس به ، فألقى الله ـ تعالى ـ عليه النّوم ، ثم أخذ ضلعا من أضلاعه من شقّه الأيسر ، ووضع مكانه لحما ، وخلق حواء منه ، فلما استيقظ وجد عند رأسه امرأة قاعدة فسألها ما أنت؟ قالت : امرأة. قال : ولم خلقت؟ قالت : لتسكن إليّ فقالت الملائكة : لنجرب علمه من عنده ، قال : امرأة ، قيل : ولم سميت امرأة؟ قال : لأنها من المرأء أخذت ، فقالوا له : ما اسمها؟ قال : حوّاء ، قالوا : ولم سميت حواء؟ قال : لأنها خلقت من حيّ (١).
وعن «ابن عباس» رضي الله عنهما قال : «بعث الله جندا من الملائكة ، فحملوا آدم وحوّاء ـ عليهما الصّلاة والسّلام ـ على سرير من ذهب كما يحمل الملوك ، ولباسهما النور حتى أدخلا الجنّة».
فهذا الخبر يدلّ على أن حواء خلقت قبل إدخالهما الجنة.
روى الحسن عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : «إنّ المرأة خلقت من ضلع الرّجل ، فإذا أردت تقويمها كسرتها ، وإن تركتها انتفعت بها واستقامت» (٢) ، وهذا القول منقول «عن أبي بن كعب ، وابن عباس ، ووهب بن منبه ، وسفيان بن عيينة».
واختاره ابن قتيبة في «المغازي» ، [والقاضي منذر بن سعيد البلوطي](٣) وحكاه عن «أبي حنيفة» وأصحابه ، وهو نصّ التوراة التي بأيدي أهل الكتاب.
وفي رواية : «وإن أعوج شيء في الضّلع أعلاه ؛ لن تستقيم لك على طريقة واحدة ، فإن استمتعت بها ، استمتعت وبها عوج ، وإن ذهبت تقيمها كسرتها ، وكسرها طلاقها» ؛ وقال الشاعر : [الطويل]
__________________
(١) أخرجه الطبري (١ / ٥١٣) رقم (٧١٠) والأثر ذكره السيوطي في «الدر المنثور» وزاد نسبته لابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر عن ابن عباس.
(٢) أخرجه مسلم في الصحيح (٢ / ١٠٩١) كتاب الرضاع (١٧) باب الوصية بالنساء (١٨) حديث رقم (٥٩ ، ١٤٦٩ ، ٦٠ ، ١٤٦٩).
والترمذي في السنن حديث رقم (١١٨٨).
والدارمي في السنن (٢ / ١٤٨).
وابن حبان في الموارد حديث رقم (١٣٠٨).
وابن أبي شيبة (٥ / ٢٧٦).
والبخاري في الأدب المفترد (٧٤٧).
(٣) سقط في ب.