التي يرجع إليها العلماء في تحقيق الألفاظ وتقرير القواعد.
وممن اندرج تحت لواء هذا المذهب ابن مالك ، وابن هشام ، والبدر الدماميني في شرحه ل «التسهيل» ، وابن الطيب في شرحه ل «الاقتراح» ومن أنصار هذا المذهب أيضا ابن جني ، وابن بري ، وابن فارس ، وابن خروف ، وابن سيده وغيرهم من علماء العربية الأجلاء.
وفلسفة هذا الفريق المجوز تستند إلى أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أفصح العرب لهجة ، وأعظمهم نطقا باللغة ، وأعلمهم بالألفاظ واللهجات. وفي هذا يقول ابن حزم : «لقد كان محمد بن عبد الله قبل أن يكرمه الله بالنبوة وأيام كان ب «مكة» ـ أعلم بلغة قومه وأفصح ، فكيف بعد أن اختصه الله للنذارة واجتباه للوساطة بينه وبين خلقه» (١).
ويرى هذا الفريق أن الأحاديث النبوية الشريفة أصح سندا ونقلا مما ينقل من أشعار العرب وكلامهم ، فمن الضروري إذا تقرير الأحكام اللّغوية على أساس هذه الأسانيد القوية التي تعتبر أقوى إسنادا من الشعر.
ثانيا : الذين منعوا الاستشهاد بالحديث
يرى هذا الفريق أنه لا ينبغي الاعتماد على الأحاديث النبوية الشريفة كوسائل ودلائل لتقرير أحكام اللغة والنحو ، وقالوا : لا يستشهد بالحديث لعدم الوثوق بأن ذلك لفظ رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
واستند هذا الفريق إلى دليلين :
١ ـ وقوع اللحن في كثير من الأحاديث النبوية ، وذلك لأن كثيرا من رواة الأحاديث لم ينشأوا في بيئة عربية خالصة ، ولم تستقم ألسنتهم على الألفاظ العربية القحّة ، بل توصلوا إلى العربية بالتعلم والدراسة ثمّ اندرجوا في رواية الأحاديث فلم يرووها على وجهها الصحيح الذي ينبغي ، كما خرجت من فم النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
٢ ـ الدليل الثاني : هو رواية كثير من الأحاديث بالمعنى حيث إن الرواة جوزوا النقل بالمعنى ، فنجد ـ مثلا ـ القصّة الواحدة قد حدثت في زمان النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولكنها تنقل بألفاظ مختلفة وروايات متعددة لا نجزم معها بأن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قد تلفظ بجميع هذه الألفاظ ، بل لا نجزم أنه قال بعضها ؛ إذ المحتمل أنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال لفظا آخر مرادفا لهذه الألفاظ ، فجاء الراوي وأتى بمعنى هذا اللفظ أو ما يرادفه ، ولم يأت باللفظ نفسه ، اعتمادا على الرواية بالمعنى.
بالإضافة إلى ذلك نجد أن رواة الأحاديث كانوا يعتمدون في رواياتهم على حفظ
__________________
(١) ينظر : الفصل في الملل والنّحل.