الفاتحة
بسم الله الرّحمن الرّحيم. وبه نستعين.
الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستهديه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيّئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألّا إله إلّا الله وحده ، لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، أرسله بين يدي السّاعة بشيرا ونذيرا ـ صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد ، فهذا كتاب جمعته من أقوال العلماء في علوم القرآن وسمّيته : «اللّباب في علوم الكتاب» ، ومن الله أسأل العون ، وبلوغ الأمل ، والعصمة من الخطأ والزّلل.
الاستعاذة : أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم.
هذا ليس من القرآن إجماعا ، وإنّما تعرّضت له ؛ لأنّه واجب في أول القراءة ، أو مندوب ، وقيل : واجبة على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وحده.
وأصحّ كيفيات اللّفظ هذا اللفظ المشهور ؛ لموافقته قوله تعالى : (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) [النحل : ٩٨]. ورووا فيه حديثين :
قال الشّافعيّ (١) ـ رضي الله عنه ـ : واجب أن يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرّجيم ،
__________________
(١) محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن الشافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف جد النبي صلىاللهعليهوسلم. وشافع بن السائب هو الذي ينسب إليه الشافعي ، لقي النبي صلىاللهعليهوسلم في صغره ، وأسلم أبوه السائب يوم بدر فإنه كان صاحب راية بني هاشم. وكانت ولادة الشافعي بقرية من الشام يقال لها غزة. قاله ابن خلكان وابن عبد البر. وقال صاحب التنقيب (بمنى) من مكة ، وقال ابن بكار (بعسقلان) ، وقال الزوزني (باليمن) والأول أشهر ، وكان ذلك في سنة خمسين ومائة ، وهي السنة التي مات فيها الإمام أبو حنيفة رحمهالله. حمل إلى مكة وهو ابن سنتين ونشأ بها وحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين ، ثم سلمه أبوه للتفقه إلى مسلم بن خالد مفتي مكة فأذن له في الإفتاء وهو ابن خمسة عشر سنة ، فرحل إلى الإمام مالك بن أنس بالمدينة فلازمه حتى توفي مالك رحمهالله ، ثم قدم بغداد سنة خمس وتسعين ومائة وأقام بها سنتين ، فاجتمع عليه علماؤها وأخذوا عنه العلم. ثم خرج إلى مكة حاجا ثم عاد إلى بغداد سنة ثمان وتسعين ومائة فأقام بها شهرين أو أقل فلما قتل الإمام موسى الكاظم خرج إلى مصر فلم يزل بها ناشرا للعلم وصنف بها الكتب الجديدة. وانتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الجمعة سلخ رجب سنة أربع ومائتين. ـ ـ ينظر التاريخ الكبير : ١ / ٤٢ ، الجرح والتعديل ٧ / ٢٠١ ، حلية الأولياء ٩ / ٦٣ : ١٦١ ، طبقات الفقهاء للشيرازي (٤٨ : ٥٠) ، طبقات الحنابلة : ١ / ٢٨٠ ، صفة الصفوة : ٢ / ٩٥ ، وفيات الأعيان : ٤ / ١٦٣ ـ ١٦٩ ، تذكرة الحفاظ : ١ / ٣٦١ ـ ٣٦٣ ، الكاشف : ٣ / ١٧ ؛ طبقات الشافعية لابن هداية الله : ص (١١ : ١٤).