والسلام ـ : «أنا أفصح من نطق بالضّاد (١)» فثبت بما ذكر أنّ المشابهة بينهما شديدة ، والتمييز عسر.
وأيضا : لم يقع السؤال عنه في زمن النبي ـ عليه الصّلاة والسلام ـ وأزمنة الصحابة ، لا سيما عند دخول العجم في الإسلام ، فلمّا لم ينقل وقوع السؤال عن هذا ألبتة ، علمنا أن التمييز بين هذين الحرفين ، ليس في محلّ التكليف.
فصل في عدم جواز الصلاة بالوجوه الشاذة
اتّفق على أنّه لا تجوز القراءة [في الصّلاة](٢) بالوجوه الشّاذة : لأنّ الدليل ينفي جواز القراءة مطلقا ، لأنّها لو كانت من القرآن ، لوجب بلوغها إلى حدّ التواتر ، ولما لم يكن كذلك ، علمنا أنّها ليست من القرآن ، عدلنا عن هذا الدّليل في جواز القراءة بها خارج الصّلاة ، فوجب أن تبقى قراءتها في الصلاة على أصل المنع.
فصل في قولهم : «القراءات المشهورة منقولة بالتواتر»
اتّفق الأكثرون على أنّ القراءات المشهورة منقولة بالتواتر (٣) ، وفيه إشكال ؛ وذلك لأنا
__________________
(١) أورده العجلوني في «كشف الخفا» (٦٠٩) وقال : قال في اللآلىء : معناه صحيح ، ولكن لا أصل له ، كما قال ابن كثير وغيره.
(٢) سقط في أ.
(٣) «السّنّة المتواترة» والحديث المتواتر : هو ما رواه جمع يحيل العقل تواطؤهم على الكذب عادة ، من أمر حسيّ ، أو حصول الكذب منهم اتفاقا ، ويعتبر ذلك في جميع الطبقات إن تعددت.
وشروط التواتر :
١ ـ أن يكون رواته عددا كثيرا.
٢ ـ أن يحيل العقل تواطؤهم على الكذب ، أو أن يحصل الكذب منهم اتفاقا عادة.
٣ ـ أن يرووا ذلك عن مثلهم من الابتداء إلى الانتهاء ، في كون العقل يمنع من تواطئهم على الكذب ، أو حصوله منهم اتفاقا عادة.
٤ ـ أن يكون مستند انتهائهم الإدراك الحسي ؛ بأن يكون آخر ما يئول إليه الطريق ، ويتم عنده الإسناد ، أمر حسي مدرك بإحدى الحواس الخمس الظاهرة ؛ من الذوق واللمس والشم والسمع والبصر.
تقسيم المتواتر إلى لفظي ومعنوي
من المتفق عليه عند العلماء وأرباب النظر : أن القرآن الكريم لا تجوز الرواية فيه بالمعنى ، بل أجمعوا على وجوب روايته لفظة لفظة ، وعلى أسلوبه وترتيبه ، ولهذا كان تواتره اللفظي لا يشك فيه أدنى عاقل ، أو صاحب حسّ. وأما سنّة رسول الله : فقد أجازوا روايتها بالمعنى ، لذلك لم تتحد ألفاظها ولا أسلوبها ، ولا ترتيبها.
فهل يكون الحديث متواترا تواترا لفظيّا أو معنويّا ، إذا تعددت الرواية بألفاظ مترادفة ، وأساليب مختلفة من التمام والنقص ، والتقديم والتأخير من الواقعة الواحدة حتى بلغت مبلغ التواتر؟.
ومن ناحية أخرى فإذا تعددت الوقائع ، واتفقت على معنى واحد ، دلّت عليه تارة بالتضمّن ، وتارة ـ