قيل : عائذ ـ هنا ـ أصله اسم فاعل ؛ ولكنّه وقع موقع المصدر ؛ كأنه قال : «وعياذا بك» وسيأتي تحقيق هذا القول إن شاء الله تعالى.
و «أعوذ» فعل مضارع ، وأصله : «أعوذ» بضم الواو ؛ مثل : «أقتل ، وأخرج أنا» وإنما نقلوا حركة الواو إلى السّاكن قبلها ؛ لأنّ الضمة ثقيلة ، وهكذا كلّ مضارع من «فعل» عينه واو ؛ نحو : «أقوم ، ويقوم ، وأجول ، ويجول» وفاعله ضمير المتكلم.
وهذا الفاعل لا يجوز بروزه ؛ بل هو من المواضع السّبعة التي يجب فيها استتار الضمير على خلاف في السّابع ولا بدّ من ذكرها ؛ لعموم فائدتها ، وكثرة دورها :
الأول : المضارع المسند للمتكلّم وحده ؛ نحو : «أفعل».
الثّاني : المضارع المسند للمتكلّم مع غيره ، أو المعظّم نفسه ؛ نحو : «نفعل نحن».
الثالث : المضارع المسند للمخاطب ؛ نحو : «تفعل أنت» ، ويوحّد المخاطب بقيد الإفراد ، والتذكير ؛ لأنه متى كان مثنّى ، أو مجموعا ، أو مؤنثا ـ وجب بروزه ؛ نحو : «تقومان ـ يقومون ـ تقومين».
الرابع : فعل الأمر المسند للمخاطب ؛ نحو : «افعل أنت» ويوحّد المخاطب أيضا ـ بقيد الإفراد ، والتّذكير ؛ لأنّه متى كان مثنّى ، أو مجموعا ، أو مؤنثا ـ وجب بروزه ؛ نحو : «افعلا ـ افعلوا ـ افعلي».
الخامس : اسم فعل الأمر مطلقا ، سواء كان المأمور مفردا ، أو مثنّى ، أو مجموعا ، أو مؤنثا ؛ نحو : «صه يا زيد ـ يا زيدان ـ يا زيدون ـ يا هند ـ يا هندان ـ يا هندات».
بخلاف فعل الأمر ؛ فإنه يبرز فيه ضمير غير المفرد المذكّر ، كما تقدم.
السّادس : اسم الفعل المضارع ؛ نحو : «أوّه» أي : أتوجّع ، و «أفّ» أي : أتضجّر ، و «وي» أي : أعجب.
وهذه الستة لا يبرز فيها الضمير ؛ بلا خلاف.
وتحرزت بقولي : «اسم فعل الأمر ، واسم الفعل المضارع» عن اسم الفعل الماضي ؛ فإنه لا يجب فيه الاستتار كما سيأتي.
السّابع : المصدر الواقع موقع الفعل بدلا من لفظه ؛ نحو : «ضربا زيدا» ؛ وقول الشاعر : [الطويل]
٢ ـ يمرّون بالدّهنا خفافا عيابهم |
|
ويرجعن من دارين بجر الحقائب |
على حين ألهى النّاس جلّ أمورهم |
|
فندلا زريق المال ندل الثّعالب (١) |
__________________
(١) البيتان لأعشى همدان ، ينظر الحماسة البصرية : ٢ / ٢٦٢ ، ٢٦٣ ، شرح أبيات سيبويه : ١ / ٣٧١ ، ـ