ينقل لها مخالف من القدماء عدا المرتضى ، حيث نفى الخلاف بين الأمة في تلازم القصرين (١) ، لكن من غير تنصيص به في المسألة ، وهو غير صريح في المخالفة ، كالعمومات المتقدمة ، لقبولها التخصيص بما مرّ من الرواية وإن لم تكن الآن مشهورة ، لظهور عبارتي المبسوط السرائر في كونها يومئذ مشهورة ، بل ومجمعا عليها كما عرفته ، والشهرة المتأخرة لم تتحقق إلاّ من زمن العلاّمة.
لكنه في التذكرة ـ كغيره ـ ادّعى الشهرة المطلقة على ما اختاره (٢) ، فيمكن أن يوهن بهذه الدعوى دعوى الإجماع المتقدمة.
ويجاب عن المرسلة : بضعف السند ، وعدم وضوح الجابر إلاّ الشهرة القديمة ، وهي معارضة بالشهرة المتأخرة القطعية ، بل مطلقا كما عرفت حكايته في كلام جماعة ، فلا يمكن أن يخصّص بها العمومات المتقدمة ، كما لا يمكن تخصيصها بالرضوي وإن اعتبر سنده في الجملة ، لقصوره عن المقاومة لها والمكافأة.
لكن المسألة بعد لا تخلو عن شبهة ، والاحتياط فيها مطلوب بلا شبهة.
وكما يعتبر هذا الشرط ابتداء يعتبر استدامة ، فلو عرض قصد المعصية في الأثناء انقطع الترخص حينئذ ، وبالعكس ، ويشترط حينئذ كون الباقي مسافة ولو بالعود قطعا. كما يشترط في الأول أيضا لو رجع إلى القصد الأول على قول قوي ؛ للأصل (٣) ، ولا على آخر (٤) ؛ لإطلاق الخبر : « إنّ صاحب الصيد يقصّر ما دام على الجادة ، فإذا عدل عن الجادة أتم ، فإذا رجع إليها قصر » (٥).
__________________
(١) انظر الانتصار : ٥١.
(٢) لم نعثر فيها وغيرها على ادّعاء الشهرة المطلقة ، راجع التذكرة ١ : ١٩٣.
(٣) أي : أصالة بقاء وجوب التمام.
(٤) راجع المنتهى ١ : ٣٩٢.
(٥) التهذيب ٣ : ٢١٨ / ٥٤٣ ، الاستبصار ١ : ٢٣٧ / ٨٤٦ ، الوسائل ٨ : ٤٨٠ أبواب صلاة المسافر